القسم السياسي

استعد جيداً واعرف من أنت

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

في الظروف الحساسة التي تمر بها إيران العزيزة اليوم، لا يمكن حصر المخاطر والتهديدات التي تواجه البلاد بالأعداء الخارجيين فقط. صحيح أن الهجمات الصهيونية-الأمريكية والضغوط الاقتصادية الشديدة تشكل جزءاً من الحرب الشاملة ضد إيران، لكن الجزء الأهم والأخطر في هذه المعركة هو الحرب بالوكالة المعقدة التي تجري من الداخل.

لقد أشار الإمام الخامنئي الحكيم والبصير للثورة الإسلامية قبل سنوات إلى نقطة مهمة جداً:

«البصيرة تعني أن نعلم أن شمّر الذي قطع رأس الإمام الحسين عليه السلام هو نفس الجندي في معركة صفين الذي تقدم حتى شفا الشهادة.»

هذا القول يوضح لنا أن العدو الحقيقي ليس فقط القوة الخارجية العنيفة والظاهرة، بل العدو يتخفى بزي الصديق والرفيق وحتى الرفيق الحقيقي، وقد تسلل إلى قلب الثورة. أعداء يرتدون لباس الدين والوطن، لكن قلوبهم مع الأجانب، ويخونون في اللحظات الحاسمة.

إذا نظرنا إلى تاريخ كربلاء، نجد أن الحرب الحقيقية لم تكن فقط بين يزيد والإمام الحسين عليه السلام، بل كانت حربًا بالوكالة بين جماعة المتخاذلين والمتعهدين بالبيعة من أهل الكوفة وثوار الإمام. وكان شمّر وعمر سعد قادة هذه الحرب بالوكالة في الميدان، لكن القائد الحقيقي كان يزيد في الخفاء.

واليوم نحن في حرب بالوكالة شاملة؛
الولايات المتحدة وحلفاؤها (يزيد زماننا) يحاولون من خلال ميادين ناعمة—كالديبلوماسية، الاقتصاد، الثقافة، والتغلغل داخل مؤسسات النظام—إضعاف القوة الصلبة للثورة، وهي القوة النووية، الصاروخية والاقتصادية. لا يريدون إسقاط إيران عبر هجوم عسكري فقط، بل يريدون تغيير جوهر الثورة من الداخل بحيث يبقى اسمها فقط، لكنها تستسلم عمليًا لسياسات الغرب.

في هذا الميدان، شمّر زماننا هم أولئك الذين يظهرون بوجه وطني لكنهم في الحقيقة أعداء، كعملاء نفوذ داخل قرارات وسياسات الدولة. الذين يرون القوة الصاروخية والمقاومة نقطة ضعف، والذين بدلاً من دعم الاقتصاد المقاوم، يبحثون عن الاعتماد الاقتصادي ورفع العقوبات بأي ثمن.

ومن جهة أخرى، هؤلاء الشمر اليوم هم من يعلنون العلاقات الودية مع أعداء إيران التاريخيين وحتى الصهاينة، وينشرون رسائل مناهضة للثورة والمقاومة، ويؤيدون روايات مثل تأييد الهولوكوست وتهاني المناسبات الصهيونية لإرضاء الأعداء.

إذا لم يُوقف هؤلاء الأشخاص، كما أدت خيانة شمّر في كربلاء إلى استشهاد الإمام الحسين، فإن خيانتهم اليوم قد تؤدي إلى سقوط إنجازات الثورة وموت شباب هذا الوطن.

الشمّر لا يظهرون دائمًا بوجه مخيف وخنجر في اليد؛
بل أحيانًا بابتسامات هادئة وبدلات مرتبة، وتحت غطاء دبلوماسي، يقتلون راية الثورة. هم يرون العدو كشريك ويتعاونون معه في السياسة والدبلوماسية.

في النهاية، لمعرفة شمّر زماننا يجب أولًا معرفة إمام زماننا؛
الذي بحكمته وبصيرته يحفظ مسار الثورة أمام أعقد المؤامرات. الإمام الخامنئي هو القائد الحقيقي وحافظ الثورة ونور هداية أمة إيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى