القسم السياسي

لاح المقاومة… أمانة الأمة، وليست أداة للتفاوض

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

تبيّن أن الهدف هو جرّ لبنان إلى لعبة الأمم كجائزة لإرضاء الكيان المحتل بعد إخفاقه العسكري في غزة، رغم نجاحه الاستخباري في اغتيال قادة المقاومة. تعود الدعوات القديمة والجديدة التي تسعى لتصوير سلاح المقاومة كشيطان، والمطالبة بتسليمه للدولة تحت عنوان «تنظيم العلاقة بين الجيش والمقاومة». تبدو هذه العناوين ظاهرياً مرتبطة بسيادة الدولة، لكنها في الواقع تسعى لتدمير آخر عناصر القوة في لبنان.

◼️ هل من يسلم سلاحه للوطن والجيش والشعب قد استسلم؟


يبدو السؤال بريئاً ظاهرياً، لكنه يحمل في طياته محاولة خطيرة لصياغة معادلة جديدة تهدف إلى إلغاء المقاومة كالقوة الوحيدة الكابحة للمشروع الصهيوني، ومحو إنجازات أكثر من ٤٠ عاماً من التضحيات والدماء والانتصارات.
الإجابة صريحة: نعم، من يسلم سلاحه في هذا الوقت يكون قد استسلم، ليس لوطنه بل للعدو، لأن الوطن لم يعد محايداً في هذا الصراع، بل أصبح هدفاً. أي نزع سلاح للمقاومة يعني استسلاماً مطلقاً للكيان الصهيوني، لا للشعب اللبناني أو مؤسسات الدولة.

🔴 مقترح «الاستسلام» لباراك وتحليل حزب الله


لا يمكن فصل تصريحات بعض المسؤولين اللبنانيين المطالبة بتسليم سلاح حزب الله عن السياق الإقليمي والدولي، خاصة مقترح إيهود باراك الأخير الذي أعلن صراحة أن الوقت مناسب لتنفيذ «الحل النهائي» في لبنان بنزع سلاح حزب الله مقابل حزمة اقتصادية وسياسية. وقد وصف حزب الله هذا المقترح بأنه «استسلامي» لأنه لا يحقق الأمن أو السيادة للبنان، بل يحول الجيش إلى أداة لخدمة أمن العدو المحتل، لا العكس.

🔴 عون وصواريخ المقاومة: دعوة في وقت غير مناسب


طالب الرئيس ميشال عون قبل أسابيع بتسليم صواريخ حزب الله للجيش. تبدو هذه التصريحات «تنظيمية» ظاهرياً لكنها جاءت في مرحلة حساسة ويمكن تفسيرها كجزء من عملية تطبيع خفية أو محاولة لإرضاء مطالب الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية. والغريب أن هذا الاقتراح قُدم دون أي ضمانات حقيقية لحماية لبنان من أي عدوان صهيوني محتمل، أو حتى دون اتفاق داخلي شامل على «عقيدة الدفاع الوطني». فهل يمكن تسليم السلاح لدولة منهارة عاجزة عن توفير أبسط مقومات الحياة ومخضوعة لتوجيهات السفارات؟

🔴 مزارع شبعا… المقاومة تدرك أن تحريرها غير ممكن عبر المفاوضات


امتنع حزب الله عن إدخال مزارع شبعا في سوق المفاوضات مع سوريا، مؤكداً أن المنطقة لبنانية بوضوح. هذا الموقف نابع من إدراك عميق أن إحالة الملف إلى مؤسسات دولية أو سفارات غربية هو باب لفقدان المزيد من الأراضي اللبنانية المحتلة. المقاومة لا تطلب الشرعية على حساب السيادة، بل تؤكد أن التحرير يجب أن يتم بيد أبنائها، لا عبر قرارات مجلس الأمن التي لم تحرر حتى شبرًا واحدًا من فلسطين منذ 1948.

🔴 رفض «تنظيم العلاقة» مع دمشق: استقلال المقاومة من التنازلات


أي حديث عن ترسيم الحدود أو تنظيم العلاقة مع سوريا عبر وساطة أمريكية، في ظل وجود قوات الاحتلال الأمريكية داخل سوريا، هو وهم لا أكثر. حزب الله يدرك أن هذه الملفات تُستخدم للضغط عليه وخلع شرعيته تدريجياً، ولهذا السبب رفض بشدة أي نقاش في هذا الإطار مع المبعوث الأمريكي، لأن أي صيغة تُفرض اليوم ليست لصالح لبنان بل لصالح العدو.

🛡️ المقاومة الضامن الوحيد للأمن


سلاح حزب الله اليوم ليس ملك حزب أو طائفة، بل أمانة في يد رجال ضحوا بحياتهم دفاعاً عن الأمة من بيروت إلى طهران، من غزة إلى صنعاء. هذا السلاح حرر الجنوب، وكسّر مشروع التكفير، ويواجه اليوم العدوان الصهيوني الأمريكي على المنطقة.
من يطالب بتسليم السلاح عليه أن يضمن أن الجيش اللبناني قادر سياسياً وعقائدياً وتسليحياً على ملء هذا الفراغ، والحقيقة أن الدولة لا تملك حتى الآن لا القدرة ولا الإرادة لذلك.

✴️ من يسلم سلاحه اليوم، يسلم غداً منزله وعرضه


اعلموا أن أي سلاح يُنتزع من المقاومة لن يصل إلى شعب لبنان، بل إلى خزائن الأجهزة الاستخبارية الصهيونية والأمريكية. المطلوب اليوم ليس نزع سلاح حزب الله، بل تقويته وتطويره ليبقى ركيزة رادعة للمشروع الصهيوني الغربي. أي تراجع عن هذا الخيار هو خيانة لدماء الشهداء وخيبة أمل لفلسطين وتمكين للعدو في معركة كسر الإرادة.

🔻 المقاومة ليست مجرد بندقية على كتف رجل، بل وعي أمة… فإذا خذلت الأمة بندقيتها فلن تجد لاحقاً من يرفع راية الحرية عنها.

✊🏻 سلاح المقاومة ليس موضوع تفاوض، بل خط أحمر لونُه دم، لا تمحيه توقيع ولا تلغيه بيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى