القسم السياسي

المستشفيات في غزة: أكثر من 63 شهيدًا منذ فجر يوم أمس… هل تحوّل الفلسطينيون إلى أرقام؟

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

منذ أولى ساعات فجر يوم أمس، استيقظ سكان قطاع غزة على موجة شديدة من الغارات الإسرائيلية، استهدفت بها مناطق مأهولة بكثافة، خاصة في وسط قطاع غزة وجنوبه. وبحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد ارتفع عدد الشهداء إلى ما لا يقل عن 63 شهيدًا حتى ظهر اليوم، بينهم 38 في مناطق الوسط وخان يونس. وقد نُفّذت هذه الغارات بعنف غير مسبوق ودون أي إنذار مسبق، دون مراعاة تامة للمدنيين.

🔴 مشاهد من المأساة
الصور التي تصدّرت مجمع ناصر الطبي والمستشفى الأوروبي في غزة تجاوزت القدرة على التعبير: جثث مشوّهة، أجزاء من أجساد أطفال، وأمهات تصرخ في بحر من الدماء، وأطباء لا تزال عين السماء تذرف، وهم يواجهون مشاهد لم يعهدوها حتى في أسوأ لحظات الحرب.

📰 رؤية الأرقام… بلا وجوه ولا قصص
رغم أن وسائل الإعلام الدولية—باستثناء حالات نادرة جدًا—تمرّ مرور الكرام فوق هذه الكارثة، كما تتجاهل نشرات الطقس يوميًا: أرقام، جداول، إحصائيات… بلا أسماء، بلا وجوه، بلا قصص إنسانية.

✍️ من لغة الدماء إلى لغة البيانات
الشهادة بالنسبة للفلسطينيين تجسّد مفهومي العزة والتضحية. لكن آلة الحرب الإسرائيلية‑الأمريكية، مدعومة بصمت المنصات العالمية، تحوّل جثث الشهداء إلى “خلايا” في جداول البيانات:

  • شهيد في دير البلح

  • ثلاثة في خُزاعه

  • سبعة أطفال في النصيرات

  • خمسة من عائلة واحدة في رفح

ولا أحد يتساءل: من كانوا؟ ما أحلامهم؟ ماذا تبقى من أسماءهم؟ هذه الإحصائيات التي تصدر يوميًا من وزارة الصحة في غزة قد تثبت وقوع الجرائم، لكنها لا تلمس ضمائر عالم تعب من مئات القصص المكرّرة. فتجد أن مأساة فلسطين تختزل في سطرين ثم تُنسى.

🕯️ غزة تحت القصف والعالم في صمت
الصمت الدولي لم يعد رمزًا للحياد، بل شريكًا في الجريمة. في كل مرة تُستهدف مدرسة أو مستشفى، أو تُمحى عائلة بأكملها، تتكرر المشاهد:

  • تصريحات وقحة من أمريكا عن “حق إسرائيل في الدفاع”

  • امتناع أوروبا عن الإدانه

  • صكوك العNormalisation المعلنة أو السرية من بعض الأنظمة العربية

فهل يحق للفلسطيني أن يتساءل:
هل نحن مجرد أرقام؟
ألم نعد بشرًا يُروى عنهم، يُبكيهم أحد، تُحاسب قاتلهم؟

🧠 حين يتحول الشهادة إلى مشروع إبادة
في قاموس غزة اليوم، صار الشهادة ليست فعل مقاومة فردي، بل مشروع إبادة منظّم تحت أعين الصمت الإعلامي والسياسي والدولي. ومع غياب أي صوت فلسطيني أو عربي قوي يدافع عن الكرامة، يبقى الموت مشروعًا “مُراقبًا”، مخططًا ومشروّعًا.

🚫 في النهاية: لا، الفلسطينيون ليسوا أرقامًا
لكن العالم يعاملهم كذلك.
والأمر الأسوأ: أن بعض أبناء شعبهم فعلًا يرونهم كذلك.
إن لم نكسر هذا النموذج—داخل غزة أو خارجها—فسنصل إلى لحظة لا يكون السؤال فيها:
“كم شهيدًا اليوم؟”
بل: “من بقي ليدفنهم؟”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى