القسم السياسي

حزب الله: أمةٌ راسخة، لا مجرد منظمة؛ مجتمعٌ حيّ، لا مجرد جماعة.

✍️ مجاهد الصریمي – صنعاء:

 

حزب الله ليس مجرد تنظيم، بل هو مکتب عظيم، يجسّد الإسلام الأصيل عمليًا، قبل أن يتكلّم، ويمضي إلى الفعل قبل أن يصوغ النظريات. هو اليوم حُجّة على الجميع، وشهادة على الحق في مواجهة الباطل. هذا التيّار هو تجلّي شخصية خلقها الإسلام نفسه، وهو الوحيد في الحاضرة العربية والإسلامية التي لم تفصل بين القيم السياسية والأخلاقية.

هذا الربط لم يكن ممكنًا إلا بفضل الإنسان الجديد الذي سعى حزب الله إلى بنائه: إنسان ربّاني يُقدّم الآخرة على الدنيا، والمصلحة العامة على الخاصة، ويلتزم دومًا بمبدئي الأخلاق. وكما قال الإمام الخميني (قده):

“السياسة التي تتحدثون عنها لكم؛ أما سياستي فهي التي أخدم بها عبادة الله، لأن سياستنا هي ديننا وديننا هو سياستنا.”


أبرز ما ميّز حزب الله هو الالتزام المطلق بالصّدق:
لا وجود لحركة معاصرة تعالج الأحداث السياسية والعسكرية بشفافية تامة، كما لو أنها ظاهرة استثنائية في عالم يفيض بالأكاذيب. وهذا الصدق ينبع من رؤية المجاهد للنضال لا كقضية حزبية فحسب، بل كجهاد مع النفس — قلبه مُوجّه إلى طاعة الله، خالٍ من الشهوات، ونيته صادقة لله وحده.

الذي يخلص في نيته لله، يصير مخلصًا في أفعاله ومعاملاته. في ظل هذا الإدراك السياسي، يتضح الفرق بين السياسة المبنية على الكذب والسياسة القائمة على الحق. يمكن القول إن حزب الله هو مدرسة تعلم السياسيين الأمانة والصدق في القول والعمل.


هذا الالتزام الأخلاقي الظاهر عبر التاريخ الجهادي لحزب الله، متمثّل في مواجهته للصهيونية والاستكبار العالمي، يتجسّد في أبرز أركان روايته:

  1. التوكل على الله: إعتماد الفكر والقلب والعمل على الله عزّ وجلّ.
  2. استعمال الأسباب: تجهيز الموارد، وتخطيط العمليات وإعداد القوات لدحر العدو.
  3. رسم خطة شاملة: تحليل معطيات الخصم واستراتيجياته محليًا وإقليميًا وعالميًا.
  4. الرجوع إلى الله: بعد الجهد والعطاء يعلو الشعور بأن النصر من عنده، اعتمادًا على يقين محض.

صقل هذا الإدراك الأخلاقي هو من نوع العلاقات التي تربط الإنسان بخالقه، فتتحول المهام – مهما بلغت صغرتها – إلى رحلة بين دنيا الآخرة.


وتُبرز النهج الأخلاقي للحزب أيضًا من خلال الامتثال لما قاله أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

“ألقِ جمجمتك إلى الله، وثبت قدميك على الأرض، وإن زلّت الجبال فلا تزل، وانظر إلى عدّوك البعيد، واعلم أن النصر من الله.”

فلحظة تحوّل الفكر إلى فعل، وتصبح النتائج عائدة للإرادة الأعلى، تتحقّق غاية الجهاد الولائي: إيثار الحق.


أعظم إنجاز قام به حزب الله هو أن يُخرِج من السياسة هذا المبدأ الفاسد: “الغاية تبرّر الوسيلة”. هذا الالتزام جعل حزب الله نموذجًا مميّزًا بين كل الحركات، حتى “الإسلامية” منها، لأنه اختار وسيلة نزيهة لمصلحة نبيلة.

وتبلور حول هذا المسار اجماعٌ وطنيّ مقاوم، وولادة مجتمع مدني وسياسي منظم يدعم الحزب رغم الفروق الطائفية. فعندما يكون الحقّ محورًا، يكون تماسك المجتمع أكثر، ويتحوّل من مجرد جمهور متفرّج إلى شريك فاعل في المسار.


كيف ينظر حزب الله إلى شعبه؟

يراه مصدر قوّة واستمرار، لا جمهور متفرّج. الناس بالنسبة لحزب الله هم قِبلة الدعم، والضمان الحقيقي للاستمرارية. حضورهم في ساحات الجهاد، وتحملهم للمعاناة بضراوة، وترابطهم مع الحزب كان السبب الحاسم في دحْض العدو.

إن الجمهور المؤمن المساند هو أمة حزب الله؛ ليس مُشاهدًا من الخارج، بل جزءًا لا ينفصل عن مسار الجهاد والولاء. أمّةٌ تُضحي وتؤثر ولا تنهزم.


هذا بالنسبة لحزب الله ليس مجرد تنظيم أو جماعة، بل أمّة صامدة، وجامعةٌ تقف بقلوبها وأرواحها دفاعًا عن حق المُظلومين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى