القسم السياسي

ميناء أُمّ الرشراش تحت الحصار: إغلاق “إيلات” نتيجةً لهجمات أنصار الله وانهيار الهيمنة الصهيونية في البحر الأحمر

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

في تحول يعكس تعمّق التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها الكيان الصهيوني الغاصب، أعلنت بلدية مدينة «إيلات» (الاسم العبري المفروض على قرية أمّ الرشراش الفلسطينية المحتلة) عن إغلاق ميناء إيلات اعتبارًا من يوم الأحد 20 يوليو 2025. وجاء هذا القرار رداً على مصادرة الحسابات البنكية للميناء من قبل البلدية بسبب تراكم الضرائب— حيث يُقدَّر المبلغ بـ600,000 إلى 700,000 شيكل شهريًا (ما يعادل 180,000 إلى 210,000 دولار أمريكي). لكن ما بدا اعلاناً إدارياً بحتاً ما هو إلا ستار فوق أزمة أعمق جذوراً، تعود إلى حصار بحري مفروض من قبل حركة أنصار الله في اليمن، بدعم استراتيجي من إيران، على السفن المتجهة نحو الكيان الصهيوني عبر البحر الأحمر.


⚓ أمّ الرشراش: الهوية المسلوبة وعودة النفوذ المقاوم

كانت قرية أمّ الرشراش الفلسطينية محطة تاريخية على ساحل خليج العقبة، ثم تغيّرت إلى «إيلات» عام 1949 إثر نكبة فلسطين واحتلال المنطقة. واليوم، تعود الأمكنة بفعل صواريخ وطائرات مسيّرة جعلت البحر الأحمر ساحة للمواجهة مع الكيان الصهيوني.


💰 الأزمة المالية: نتيجة طبيعية للحصار

وفقًا لتقارير صحيفة “غلوبز” العبرية، إن دخْل الميناء تراجع من 212 مليون شيكل عام 2023 (مع استقبال 134 سفينة وتفريغ 150 ألف سيارة) إلى 42 مليون فقط في 2024 (16 سفينة ودون تفريغ أي سيارة)، ثم وصل إلى 6 سفن فقط في النصف الأول من 2025. ويرجع هذا التدهور إلى الحصار البحري الذي نفذته حركة أنصار الله، والذي أدّى إلى تغيّر طرق الشحن العالمية وتفادي البحر الأحمر لصالح المتوسط، مما زاد الكلفة اللوجستية على الكيان الصهيوني.


🛡 أنصار الله: الحصار الذي قلب المعادلة

منذ أكتوبر 2023، نفذت أنصار الله هجمات صاروخية ومسيّرة متكررة تستهدف السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني في البحر الأحمر. ففي 15 يوليو 2025، أعلنوا تنفيذ هجوم بثلاثة مسيّرات على ميناء إيلات وموقع عسكري قرب النقب. وقد نجحت هذه العمليات في إجبار شركات الشحن العالمية على الامتناع عن استخدام ممر باب المندب، وتسببت بخسائر اقتصادية تُقدَّر بنحو 3 مليارات دولار للكيان بحلول أوائل 2024، كما أكد ذلك مدير الميناء غيدعون جولبر.


🇮🇷 إيران: الدماغ الاستراتيجي خلف المقاومة

لعبت إيران، كحليف استراتيجي لمحور المقاومة، دورًا محوريًا في تمكين أنصار الله من تعزيز قدراتها الصاروخية والمسيّرة رغم الحصار الدولي على اليمن. هذا الدعم البيئي المعنوي والسياسي ساعد في إعادة رسم موازين القوة في المنطقة، وتحدّي السيطرة البحرية الصهيونية في مضيقَي هرمز وباب المندب.


⚠️ تداعيات متعددة: اقتصادية، عسكرية، وجيوسياسية

إغلاق ميناء إيلات أثر ليس فقط على العائدات المالية، بل قضى على القدرة اللوجستية البحرية للكيان الصهيوني، مسهماً في تراجع حضوره البحري في البحر الأحمر. كما تضرّرت خطط نقل النفط عبر خط يربط البحر الأحمر بالمتوسط، وتوقفت صادرات الفوسفات التابعة لشركة ICL المتوجهة إلى آسيا.


📌 رمزية المقاومة وبدء الفُرْج

إغلاق ميناء أمّ الرشراش ليس مجرد حدث اقتصادي، بل علامة على تحوّل استراتيجي في توازن القوى الإقليمي. فقد تحوّل البحر الأحمر إلى ساحة مقاومة حقيقية، يرمز إلى انتفاضة الجغرافيا السياسية في وجه الهيمنة الصهيونية.


إذًا، إن ميناء أمّ الرشراش، هو أمّ المقاومة، وقد عاد ليقول: لا نهائيّة للقمع طالما ظلت المقاومة حية. تحريره ليس انتصارًا رمزيًا فحسب، بل بداية انهيار التأثير البحري للكيان الصهيوني… والرسالة واضحة: إن لم يُكفّ المعتدون عن عدوانهم على فلسطين، فلن تجدوا موقفًا آمنًا أو قرارًا باقٍ في المياه أو البرّ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى