القسم السياسي

انهيار المعنويات: جنود الاحتلال يكسرون أيديهم وأرجلهم للهروب من جبهات غزة

تقرير استقصائي – من قلب الكيان الصهيوني

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

تاريخ: 21 يوليو/تموز 2025
تصريحات نارية تخفي الانهيار الداخلي

في حين يستمر قادة الكيان الصهيوني في ترديد شعارات “الانتصار” و”استعادة الردع”، تكشف التقارير الداخلية عن انهيار غير مسبوق في معنويات جنود الاحتلال. ففي ظاهرة صادمة، أقدم بعض الجنود عمدًا على كسر أيديهم وأرجلهم لتجنّب العودة إلى جبهات القتال، لا سيما في قطاع غزة. هذه ليست مزاعم، بل تصريحات علنية أطلقها الناشط المعارض شاؤول مزراحي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، في تسجيل صوتي أثار جدلًا واسعًا.

تصريحات مزراحي: صرخة من قلب الأزمة

قال مزراحي في التسجيل الصوتي المسرب:
“الجنود يكسرون أيديهم وأرجلهم ليتجنّبوا الخدمة في الجيش. إنهم يموتون من الإرهاق، وإن لم يُقتلوا هناك، فإنهم ينتحرون هنا.”
وأضاف مهاجمًا القيادة السياسية:
“هم لا يعرفون ماذا يريدون وإلى أين يتجهون.”

تصريحات مزراحي لم تكن صوتًا وحيدًا؛ فقد نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في يونيو 2025 تقريرًا أفاد بارتفاع حالات التمرّد الصامت في صفوف جنود الاحتياط، حيث رفض المئات المشاركة في تدريبات عسكرية مستندين إلى أعذار طبية مشكوك فيها، ما دفع قيادة الجيش إلى فتح تحقيقات داخلية.

أزمة نفسية في الوحدات النخبوية

تكشف التقارير المسرّبة من جيش الاحتلال عن ارتفاع بنسبة 300% في حالات الانهيار النفسي منذ بدء العدوان على غزة في أكتوبر 2023. وحدة “جفعاتي”، التي كانت تُعد رمزًا للقوة العسكرية، تشهد الآن موجة استقالات وانسحابات طوعية غير مسبوقة، فيما أعرب الجنود عن فقدانهم للثقة في القيادة وضبابية الأهداف.
أحد الجنود قال في تسجيل صوتي نشرته قناة “كان” في مايو 2025:
“نحن نحارب أشباحًا… لا نعرف العدو ولا ندرك ما الذي نحققه.”

كما أظهر تقرير داخلي من وحدة “إيجوز” أن 12 جنديًا رفضوا تنفيذ أوامر بالدخول إلى شمال غزة في أبريل 2025، مشيرين إلى “مخاطر غير مبررة” و”غياب خطة واضحة من القيادة”.

إصابات متعمّدة: الهروب من الجحيم

أفادت صحيفة “هآرتس” بأن مستشفيات الكيان وثّقت في الأشهر الثلاثة الماضية عشرات الحالات من الإصابات التي تبيّن لاحقًا أنها متعمّدة، نفذها الجنود لتجنّب العودة إلى الخدمة.
بعضهم قفز من المرتفعات عمدًا، وآخرون تسببوا بإصابات خلال المناورات أو باستخدام آليات عسكرية.
طبيب عسكري سابق قال لراديو “جالي تساهال”:
“هذا انفجار داخلي لأزمة لم يعد ممكنًا إخفاؤها. الجنود يشعرون بأنهم يُرسَلون إلى الموت بلا هدف.”

وأفادت مصادر طبية في مستشفى “شيبا” بيافا أنه تم تسجيل 18 حالة إصابة مشبوهة في يونيو 2025، معظمها كسور في الأطراف، وتبيّن لاحقًا أنها ذاتية.

الانتحار: العدو الصامت

تشير تقارير إعلامية إلى ارتفاع في حالات الانتحار في صفوف الجنود، حيث تم تسجيل أكثر من 37 حالة هذا العام، بمعدل أربعة جنود شهريًا، بينهم عناصر من وحدات النخبة مثل “سيريت متكال” و”غولاني”.
تعود الأسباب إلى الإرهاق المزمن، واليأس، والتعرض المستمر لمشاهد الدمار.
والدة الجندي إليران مزراحي، الذي انتحر بعد خدمته في غزة، قالت:
“خرج من غزة، لكن غزة لم تخرج منه أبدًا.”

وكشف تقرير لجمعية “لاله” لدعم الصحة النفسية في يوليو 2025 أن 65% من الجنود العائدين من غزة يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وأن هناك ارتفاعًا في محاولات الانتحار غير المعلنة بسبب الرقابة العسكرية.

احتجاجات شعبية وتمرد داخلي

تزامنت الأزمة العسكرية مع موجة احتجاجات جماهيرية عارمة في يافا وحيفا، حيث خرج أكثر من 250 ألف متظاهر مطالبين بوقف الحرب وإسقاط حكومة نتنياهو، التي وصفوها بـ”القاتلة”.
قالت إحدى الأمهات في بث مباشر على قناة عبرية:
“لقد دفنا أبناءنا، لكن نتنياهو لا يزال يطلب دمًا جديدًا!”

وفي 15 يوليو، نظمت حركة “الآن أو لا شيء” تظاهرة كبرى في يافا، طالبت بمحاسبة القيادة السياسية على “إهدار دماء الشباب”، فيما شهدت حيفا اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المكاتب الحكومية.

فوضى في القيادة: حرب بلا بوصلة

كشفت وثائق مسرّبة من وزارة الحرب عن خلافات حادة بين وزير الحرب ورئيس الأركان، وتضارب في الأوامر، وإلغاء مفاجئ للعمليات.
قال قائد لواء لقناة “كان” في يونيو 2025:
“نقاتل دون خارطة طريق، الهدف يتغيّر كل أسبوع. لا يمكن بناء جيش بهذه الطريقة.”

مصدر عسكري رفيع كشف لصحيفة “معاريف” أن اجتماعات القيادة العليا في يوليو شهدت صراخًا وتبادل اتهامات حول فشل العمليات، متهمين الوزير باتخاذ قرارات سياسية لتمديد الحرب لأهداف شخصية.

تداعيات اقتصادية واجتماعية

لم تقتصر الأزمة على الجانب العسكري، بل امتدت لتشمل آثارًا اجتماعية واقتصادية.
أفاد تقرير لصحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية في يوليو أن الثقة بالمؤسسة العسكرية تراجعت بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، فيما انخفض الإقبال على الخدمة الإلزامية بنسبة 15%.
الاحتجاجات أضرت بالاقتصاد، وأدّت إلى خسائر يومية بملايين الشواكل نتيجة إغلاق الطرقات في يافا وحيفا.

دولة على شفير الانهيار

الكيان الصهيوني، الذي طالما تباهى بأنه “قوة لا تُهزم”، يقف اليوم على حافة التفكك الداخلي.
الجنود يفرّون من الجبهات، الشعب يثور على قيادته، وأساطير “الردع” تتهاوى أمام حرب بلا نهاية.
الجندي الذي يكسر يده للهرب من الجبهة، يكسر معها أيضًا خرافة “الجيش الذي لا يُقهر”، ويكشف هشاشة منظومة تعيش على الشعارات وتتفكك من الداخل.

المصادر:
تقارير “هآرتس”، “يديعوت أحرونوت”، “معاريف”، تصريحات شاؤول مزراحي، وثائق إعلامية مسرّبة، وتقرير جمعية “لاله” للصحة النفسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى