أخبار الإيران

سيارات الأجرة الذكية: وعود التحوّل الرقمي في ظل الانتقادات الموجّهة إلى نظام “شهرزاد”

تم تدشين خدمة التاكسي الذكي التابعة لبلدية طهران بهدف تحديث وسائل النقل الحضري وتحويلها إلى نظم ذكية، إلا أن نظام «شهرزاد» يخضع حالياً للتدقيق بسبب مشكلات تقنية وانتقادات واسعة. ويأمل المسؤولون في معالجة هذه الثغرات خلال شهر واحد

بحسب تقرير موقع “صوت سما” الإخباري؛
في السنوات الأخيرة، أصبحت تنمية التكنولوجيا الذكية أحد المحاور الأساسية في مسار التحول الحضري حول العالم.

وتسعى مدينة طهران، باعتبارها مدينة كبرى تعاني من الكثافة السكانية والازدحام المروري، إلى الاستفادة من هذه التطورات من خلال إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى قطاع النقل العام، بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين. ومن أبرز المشاريع في هذا المسار، إطلاق نظام سيارات الأجرة الذكية التابع لبلدية طهران، والذي يعمل عبر تطبيق “شهرزاد”، حيث تم الوعد بأن يُسهم هذا النظام الإلكتروني في تحسين الجودة، وتعزيز الشفافية، وتنظيم أسطول سيارات الأجرة في المدينة.

وقد تم تصميم هذا النظام كبنية تحتية جديدة لحجز وإدارة رحلات سيارات الأجرة، بحيث يستطيع المسافرون طلب سيارة أجرة من أي مكان داخل المدينة، كما يمكن للسائقين استقبال وإدارة الرحلات من خلال التطبيق.

من المميزات المهمة لهذا المشروع، إمكانية الرقابة الإلكترونية على أداء السائقين، والرصد الذكي لحركة أسطول سيارات الأجرة، مما يسهم في تعزيز الشفافية وتحسين مستوى الخدمة.

وفي هذا السياق، أوضحت شادي مالكي، المديرة العامة لمنظمة سيارات الأجرة في بلدية طهران، في مقابلة مع وكالة تسنيم، أن “سيارة الأجرة الذكية” التابعة للبلدية، والتي تم تدشينها مؤخراً، ستعمل ضمن قرارات مجلس بلدية طهران، وستخضع للقوانين المعتمدة في تحديد أسعار الأجرة.

وأضافت: ستكون سيارات الأجرة في طهران نشطة ضمن هذه المنصة، كما سيتم قريباً دمج سيارات الأجرة الكهربائية التي يجري توزيعها حالياً على السائقين ضمن هذه الخدمة الجديدة.

وأكدت مالكي: أصبح من الممكن للمواطنين، عند حاجتهم إلى سيارة أجرة، أن يسجلوا رحلتهم في النظام ليتم إرسال سيارة لتقديم الخدمة، كما أن الأجرة سيتم احتسابها عبر تطبيق “شهرزاد” ووفق قرارات مجلس البلدية.

ورغم هذه الخطوة المهمة، فإن اختيار تطبيق “شهرزاد” كبنية تحتية لتقديم خدمات التاكسي الذكي أثار الكثير من الانتقادات والتساؤلات.
فالنظام، الذي يُفترض به أن يقدم أكثر من 25 خدمة مختلفة ضمن منصة واحدة للخدمات الحضرية، لم يتمكن حتى الآن من تلبية التوقعات، ويواجه العديد من المشاكل التقنية.

وقد أعرب العديد من المستخدمين عن استيائهم من جودة الخدمات، وتم توجيه انتقادات متكررة للأخطاء البرمجية الموجودة في التطبيق.

وفي جلسة حديثة لمجلس بلدية طهران، صرّح سيد جعفر تشكري هاشمي، رئيس لجنة الإعمار والنقل في المجلس، قائلاً:
“نظام شهرزاد يعاني من عيوب جوهرية، والأخطاء البرمجية فيه ليست بسيطة، ولا تزال معظمها دون إصلاح، ومع ذلك، يتم تحميل بيانات جديدة عليه ونتوقع منه نتائج إيجابية، بينما البنية التحتية غير سليمة، وبالتالي فالنتائج أيضاً ستكون غير سليمة”.

هذا التصريح يوضح بجلاء أن النظام لا يزال يفتقر إلى الاستقرار والنضج الكافي، ما يشكل تحدياً كبيراً على مستوى الأداء في قطاع التاكسي الذكي.

في المقابل، أقرّ أحمد خورشيدي، مدير نظام “شهرزاد”، في حديث لوكالة تسنيم، بوجود هذه المشاكل، مؤكداً على ضرورة معالجتها.

وقال: “الانتقادات الموجهة صحيحة ويجب معالجتها. نحن، كأي تطبيق آخر، لدينا أخطاء برمجية نعمل على إصلاحها. حالياً، خدمة التاكسي عبر التطبيق غير متاحة للجميع، وسنقوم بتفعيلها تدريجياً”.

وأضاف: “في المرحلة الأولى، يتم توفير إمكانية استخدام الخدمة لـ10٪ من المستخدمين بشكل عشوائي لتجربة النظام وحل المشكلات، وبمجرد إصلاح كل الأخطاء، سيتم توفير الخدمة لجميع المستخدمين، ونتوقع تحقيق ذلك خلال شهر كحد أقصى”.

ومع ذلك، فإن التجارب السابقة في مشاريع مماثلة، مثل مشروع “كارپينو” الذي انطلق عام 2016 بدعم من البلدية ثم توقف لاحقاً، تثير الشكوك بين الخبراء والمواطنين بشأن نجاح المشروع الجديد.

وهذه المخاوف طبيعية، لأن الأنظمة التي لا تمتلك بنية تحتية قوية قد لا تقدم خدمات فعّالة، بل قد تؤدي إلى مزيد من الإحباط وفقدان الثقة بين المستخدمين.

ورغم ذلك، تسعى بلدية طهران من خلال إعلانها عن إضافة سيارات الأجرة الكهربائية قريباً، والتأكيد على التزامها بقرارات المجلس البلدي في تحديد الأسعار، إلى تقديم هذا المشروع كجزء من استراتيجية النقل الذكي، التي تهدف ليس فقط إلى تحسين جودة الخدمة، بل أيضاً إلى تقليل التلوث البيئي وتوسيع استخدام وسائل النقل النظيفة.

وبحسب وكالة تسنيم، فإن إطلاق نظام التاكسي الذكي في طهران يُعد خطوة مهمة في طريق تحديث النقل العام، وقد يحقق فوائد ملموسة للمواطنين، ولكن المشاكل التقنية في تطبيق “شهرزاد” والانتقادات الواسعة الموجهة إليه، تجعل من المبكر الحكم على نجاح أو فشل المشروع.

الوعود التي أطلقها مسؤولو النظام بإصلاح المشكلات خلال شهر تشكل نقطة أمل، يجب متابعتها وتقييمها بدقة.

فمصير هذه المبادرة البلدية في مجال النقل الذكي يعتمد بشكل كبير على قدرة الفريق التقني على إصلاح الأخطاء، وتحسين جودة النظام، وكذلك على مستوى ثقة المستخدمين، سواء كانوا سائقين أم ركاباً.

وعليه، يجب الانتظار لرؤية ما إذا كانت هذه الوعود ستتحقق فعلاً، وهل سيتمكن هذا النظام من أن يتحول إلى نموذج ناجح في مجال النقل الذكي بمدينة طهران أم لا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى