إيران القوية في مرآة الإيمان والعلم: صدى الكلمات التاريخية للإمام الخامنئي في تكريم شهداء الحرب المفروضة الأخيرة

نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:
في السابع من مرداد 1404هـ.ش (الموافق لليوم التاسع والعشرين من يوليو 2025م)، كانت أجواء إيران الإسلامية مشبعة بالعزة والحزن والكرامة؛ ففي مراسم مهيبة لتكريم شهداء الحرب المفروضة الأخيرة، ألقى الإمام الخامنئي (حفظه الله) كلمة عميقة واستراتيجية، كشف فيها مجدداً عن أبعاد العداء الخفي للاستكبار العالمي ضد الشعب الإيراني، وفي الوقت ذاته بشّر الأمة الإيرانية بغد أكثر إشراقاً.
العداء للدين والعلم والوحدة
في تحليل عميق لطبيعة العداء الجوهري الذي يكنّه الاستكبار العالمي، قال قائد الثورة الإسلامية:
«الشيء الذي يعارضه الاستكبار العالمي وعلى رأسه أمريكا المجرمة هو هذا الدين الذي تعتنقونه، وهذه المعرفة التي تملكونها… هم يعادون هذا الإيمان الواسع لدى الشعب، ويعادون هذه الوحدة تحت ظل الإسلام والقرآن، ويعادون علمكم.»
فالمشكلة الحقيقية لأمريكا والغرب ليست مع التخصيب النووي أو “حقوق الإنسان”، بل مع جوهر إيمان هذا الشعب، واستقلاله الحضاري والفكري، واعتماده على القرآن ونهج البلاغة. هذا العداء ليس خلافاً تكتيكياً بل هو صراع حضاري عميق مستمر منذ أكثر من أربعة عقود.
إيران المقاومة… الغالبة دائماً على الفتن
في إشارة إلى الأحداث الأخيرة التي اعتبرها البعض غير مسبوقة، قال الإمام الخامنئي:
«هذه الحوادث لم تكن غير مسبوقة للجمهورية الإسلامية، بل حدثت مراراً منذ انتصار الثورة… وقد تغلبت الجمهورية الإسلامية على جميع هذه التحديات… وتمكنت من الانتصار على جميع الأعداء في هذه الميادين.»
من الانقلابات العسكرية إلى الفتن الأمنية، ومن الحرب المفروضة إلى الضغوط الاقتصادية، استطاعت الجمهورية الإسلامية خلال 45 عاماً أن تجتاز كافة الأزمات بكرامة، لتؤكد دائماً أنها صاحبة اليد العليا. وها هو دم الشهداء الجدد يجدد هذا اليقين ويثبّت هذه الحقيقة.
عرض القوة الإيرانية خلال اثني عشر يوماً
وأكد سماحته على صدى الأحداث الأخيرة إقليمياً وعالمياً بقوله:
«الجمهورية الإسلامية وشعب إيران العزيز أظهرا قوتهما، عزيمتهما، وإرادتهما للعالم… إن كان البعض قد سمع عن قوة الجمهورية الإسلامية من بعيد، فقد أحسّها اليوم عن قرب.»
لقد كانت تلك الأيام الاثنا عشر –التي لا تزال موضع تحليل في مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم– نقطة تحول في إثبات قوة إيران، التي تجلت في القدرات العسكرية، المبادرات العلمية، والقيادة في ميدان الجهاد التبييني. لم تستطع حتى أعقد شبكات العدو الإعلامية والاستخباراتية إنكار هذا التفوق.
الدين والعلم… ركيزتا العزة الوطنية
ورسم الإمام الخامنئي خارطة المستقبل بثقة قائلاً:
«بتوفيق من الله، لن يتخلى الشعب الإيراني عن دينه أو عن علمه… وبإذن الله، رغم أنوف الأعداء، سنتمكن من إيصال إيران إلى قمم التقدم والمجد.»
في هذه الرؤية، الدين ليس شأناً شخصياً، بل عماد الهوية الوطنية. والعلم ليس وسيلة اقتصادية فقط، بل ساحة للجهاد الحضاري. الإيمان والعلم هما جناحا تحليق إيران، ومن بقي وفياً لهما، لن يعرف حدوداً لتقدمه وتمكنه.
تكريم أسر الشهداء… تجديد للعهد مع الفداء
وجّه قائد الثورة الإسلامية خطابه بشكل مباشر لأسر الشهداء قائلاً:
«أشعر بالحاجة إلى تقديم التعازي لجميع ذوي الأعزاء: القادة العسكريين، العلماء، وشعبنا العزيز الذين استشهدوا في هذا الحادث.»
في المدرسة الإسلامية، الشهادة هي أسمى مراتب الشرف الإنساني، وأُسر الشهداء هم حفظة هذا المجد. وهذا التكريم ليس فقط رمزياً، بل جزء من استراتيجية دعم الروح الجهادية وترسيخ مبادئ الثورة.
الخلاصة: نحو مستقبل أكثر إشراقاً
ما برز في خطاب الإمام الخامنئي بشكل خاص هو اليقين؛ يقين نابع من تجربة تاريخية، ومن دعم شعبي راسخ، ومن مدد إلهي ثابت.
إيران اليوم –كما وصفها سماحته– تقف في موضع يمكنها ويجب عليها أن تصل إلى قمم المجد والتقدم. وهذا الطريق لا يمر عبر التسوية، بل عبر التمسك بالدين، تعزيز الوحدة، وتعميق المعرفة.
ولا شك أن الشعب الإيراني، الذي اجتاز أعاصير العقود الأربعة الماضية، سينجح أيضاً –بإذن الله وبهداية قائده– في بلوغ ذرى العزة والحضارة الإسلامية.
رغم أنوف الأعداء…