القسم السياسي

العراق بين نيران المحاور: قراءة في تصريحات السوداني حول إحباط الهجمات ضد “إسرائيل

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

في مقابلة رسمية مع وكالة “أسوشيتد برس”، كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن جانب خفي من التوترات المتصاعدة في المنطقة، معلنًا أن حكومته — المدعومة من “الإطار التنسيقي” الشيعي — أحبطت أكثر من ٢٩ محاولة لإطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة من داخل العراق باتجاه الكيان الصهيوني وقواعد تضمّ قوات أمريكية.

هذه التصريحات لم تمر مرور الكرام، بل فُسّرت على نطاق واسع كرسالة مزدوجة موجهة إلى كلٍّ من واشنطن وتل أبيب، في حين أثارت ردود فعل متباينة داخل العراق، خصوصًا بين الفصائل المسلحة المرتبطة بمحور المقاومة.


✅ تأكيد الواقعة: رواية السوداني

تصريحات السوداني لم تكن تسرّباً عابراً، بل جاءت ضمن مقابلة موثّقة ورسمية أعادت نشرها وسائل إعلام عراقية رسمية، ما منحها مصداقية إضافية. وأوضح أن هذه المحاولات أُحبطت خلال ما وصفه بـ”حرب الـ12 يومًا”، وهي الحرب التي شنّها الكيان الصهيوني ضد إيران في يونيو 2025، عقب تصاعد التنسيق الصهيوني-الأميركي ضد محور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية.


⚔️ خلفية الصراع: العراق ساحة توازنات هشّة

“حرب الـ12 يوماً”: عودة التحالفات إلى الواجهة

العدوان الصهيوني في يونيو 2025 لم يكن حربًا تقليدية، بل شكل تجسيداً غير مسبوق لمبدأ “وحدة الجبهات”، رغم أن إيران لم تطلب من أي حليف المشاركة في عملية “الوعد الصادق 3” كرد على العدوان. فالفصائل العراقية لم تشارك فعليًا، كما أن حزب الله اللبناني لم يفتح جبهة الجنوب، بينما اكتفى أنصار الله بدور تعبوي في “استاد غزة”.
ورغم إعلان “المقاومة الإسلامية في العراق” وقف عملياتها بعد وقف إطلاق النار في يناير 2025، كشفت الحرب الأخيرة محاولات لإعادة إشعال الجبهة العراقية، ما استدعى تدخل الحكومة لكبح هذه التحركات.


⚖️ سياسة السوداني: حبل دبلوماسي على حدّ السكين

أكّد السوداني في بيانه أن العراق يرفض أن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، سواء بين طهران وتل أبيب، أو بين واشنطن ومحور إيران، رغم أن العراق لا يزال في حالة حرب مبدئية مع الكيان المحتل.

وكشف عن وجود تواصل مباشر مع الجانب الإيراني لضبط النفس ومنع التصعيد، في محاولة لمنع الكيان الصهيوني من اتخاذ العراق ذريعة لشنّ ضربات انتقامية، أو دفع واشنطن لتصعيد داخلي.

لكن هذه الرسائل لم تمر بلا رد فعل داخلي. فقد تعرض السوداني لضغوط من داخل “الإطار التنسيقي”، حيث طالب بعض أعضائه بعدم اتخاذ مواقف تُفهم كأنها معادية للمقاومة. وهذا يكشف هشاشة التوازن الداخلي، ويضع السوداني في ميدان سياسي-أمني مليء بالألغام، يكشف حقيقة التوجهات والمواقف الفعلية تجاه التطبيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى