مقالات الرأي

المحور الثاني: رد إيران (الجزء الرابع)

✍️ القسم السياسي:

 

“الفسيفساء”؛ أداة الوكالة للاغتيال والهجوم على إيران
هل كانت خطة العمل الشاملة المشتركة غطاءً لزرع الجواسيس داخل إيران؟

تكشف الوثائق السرية المُسرّبة أن الاتفاق النووي لعام 2015 لم يكن من أجل السلام، بل استُخدم كغطاء للتجسس والإعداد لهجمات موجهة ضد العلماء والبُنى التحتية النووية الإيرانية.

تكشف الوثائق المسرّبة من أرشيفات الكيان الصهيوني تورط الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) في عمليات تجسس واسعة النطاق ضد إيران؛ وهي عمليات شملت تسهيل اغتيال علماء نوويين بارزين ودعم هجمات عسكرية غير قانونية. يتناول هذا التحقيق الشامل نظام “الفسيفساء”، وهو منصة تكنولوجية طورتها الوكالة بدعم من شركة “بالانتير” الأمريكية، ودورها في انتهاك سيادة إيران. كما يستعرض هذا التقرير العلاقات المشبوهة لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، مع الكيان الصهيوني. يستند هذا التحقيق إلى الوثائق المسرّبة، وتقارير وسائل الإعلام العبرية والغربية، وتحليلات موقع “The Cradle” الإخباري الذي نشر تحقيقاً معمقاً حول هذا الموضوع.

الاتفاق النووي أم غطاء للتجسس؟

في يوليو 2015، وقّعت إيران خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) مع القوى العالمية للحد من برنامجها النووي السلمي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية. لكن الوثائق المُسرّبة من أرشيفات الكيان الصهيوني، التي حصلت عليها إيران، تُظهر أن هذا الاتفاق كان غطاءً لعمليات تجسس واسعة النطاق. ووفقاً للتقرير الذي نُشر في يوليو 2025 بواسطة “The Cradle”، فإن عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة في إيران استُخدمت كأداة لجمع معلومات حساسة، بما في ذلك خرائط المنشآت النووية، وتحركات العلماء، وحتى بيانات مستخرجة من شبكات التواصل الاجتماعي. لم تُستخدم هذه المعلومات لمراقبة التزام إيران بالاتفاق، بل نُقلت إلى الكيان الصهيوني لتسهيل عمليات الاستهداف الدقيقة.

على سبيل المثال، شملت البيانات التي جُمعت من مواقع مثل نطنز وفردو تفاصيل فنية مثل عدد أجهزة الطرد المركزي، ومستوى تخصيب اليورانيوم، وحتى جداول عمل العلماء. ومكّنت هذه المعلومات، بحسب تقرير “The Cradle”، أجهزة الاستخبارات الصهيونية من تحديد نقاط ضعف المنشآت وتخطيط الهجمات الإلكترونية والفيزيائية. وكان من بين هذه الهجمات الإلكترونية فيروس “ستاكس نت” عام 2010، والذي تبيّن لاحقاً أنه صُمم بالتعاون بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ولعبت معلومات الوكالة دوراً مهماً في تحديد أهدافه.

ذكرت صحيفة “The Times of Israel” العبرية في 9 يونيو 2025 أن الوكالة تراقب منشآت نووية تابعة للكيان الصهيوني، مثل موقع “سوريك”، لكنها لا تملك صلاحية الوصول إلى منشأة ديمونا، التي تُعدّ مركز برنامج الأسلحة النووية غير المعلن. وأثار هذا التفاوت في الرقابة، الذي لم يتم التحقيق فيه بجدية من قبل الوكالة، شكوكاً حول حيادها. في المقابل، فرضت الوكالة رقابة صارمة على إيران، لدرجة أن تقارير التفتيش كانت تتضمن تفاصيل غير ضرورية مثل الأنشطة البحثية الجامعية، والتي استُخدمت، بحسب محللي صحيفة “The Guardian” في 12 يونيو 2025، كذريعة للضغط الدبلوماسي والعسكري على إيران.

أشارت صحيفة “The Washington Post” في 13 يونيو 2025 إلى أن تقرير الوكالة في 31 مايو 2025 اتهم إيران بخرق التزاماتها النووية دون تقديم أدلة جديدة، واستخدم هذا التقرير كغطاء دبلوماسي للهجوم الصهيوني في 13 يونيو 2025. وأكد تقرير صحيفة “هآرتس” في 15 يونيو 2025 أن الكيان الصهيوني استخدم البيانات التي جمعتها الوكالة، بما في ذلك الصور الفضائية وتقارير التفتيش، لتحديد أهداف استراتيجية داخل إيران. ويُعد هذا الاستغلال لمكانة الوكالة كجهة دولية محايدة خرقاً واضحاً لمبادئ الأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، أظهر تقرير “The Intercept” في 5 يوليو 2025 أن المعلومات التي جمعتها الوكالة لم تُنقل فقط إلى الكيان الصهيوني، بل إلى أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية أيضاً، ما يشير إلى وجود شبكة أوسع من التعاون الاستخباراتي ضد إيران. ونقل التقرير عن مسؤول سابق في الوكالة، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن بيانات “الفسيفساء” صُممت خصيصاً لتحديد “الأهداف عالية القيمة”، بما في ذلك العلماء والمنشآت…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى