كيف نحصد الانتصار؟

نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:
هل يمكن الحديث عن “انتصار” وسط الدمار الهائل، المجازر المروعة، التجويع المتعمد، والتشريد القسري الذي يعيشه قطاع غزة؟ ألا يبدو ذلك نوعًا من التفاؤل الأجوف أو الانفصال عن الواقع المرير الذي تحول فيه القطاع إلى مسرح لأبشع عمليات الإبادة الجماعية؟ قد يعتبر البعض أن الحديث عن “النصر” في ظل هذه المشاهد المأساوية مبالغة أو تجاهل للكارثة المستمرة. لكن، قبل أن نسارع إلى إصدار الأحكام، يجب إعادة تعريف مفهوم “الانتصار” بعيون فلسطينية غزية، بعيدًا عن معايير الحروب التقليدية التي تقاس بالدبابات المدمرة أو الأراضي المحررة.
في هذا السياق، يصبح الانتصار أعمق وأكثر تعقيدًا، مرتبطًا بالصمود الإنساني والإرادة الجماعية. إنه انتصار الروح على الموت، الإيمان على اليأس، والثبات على الرحيل. دعونا نستعرض هذا المفهوم بتفصيل، مع أمثلة حديثة وواقعية تدعم هذه الرؤية، ونرسم خارطة طريق لتحقيق هذا النصر الفريد، مستندين إلى آخر التطورات حتى أغسطس 2025.
ما معنى الانتصار في غزة؟
في ظل حرب إبادة تهدف إلى محو شعب بأكمله — عبر تدمير منازله، تجويعه، ترويعه، وتهجيره — يتجاوز مفهوم النصر الحسابات العسكرية التقليدية. لا يُقاس هنا بعدد الجنود الذين سقطوا أو الآليات التي أُحرقت، بل بقدرة شعب على البقاء في أرضه رغم محاولات الاقتلاع.
الصمود هو النصر: البقاء في غزة تحت القصف، وسط الركام، وبدون مأوى أو غذاء كافٍ، هو فعل مقاومة بطولي. على سبيل المثال، في يوليو 2025، وثّق ناشطون محليون في مخيم النصيرات عائلات رفضت النزوح رغم القصف المكثف من قوات الكيان اللقيط قاتل الأطفال، واستمرت في إعادة بناء خيامها المتضررة باستخدام مواد بدائية. هذا الصمود ليس مجرد بقاء جسدي، بل تحدٍ لإرادة المحتل التي راهنت على كسر الروح الفلسطينية.
إفشال أهداف العدو: الانتصار في غزة يعني إجبار الكيان اللقيط قاتل الأطفال على التراجع عن أهدافه المعلنة، مثل “القضاء على المقاومة” أو “تهجير السكان”. منذ أكتوبر 2023، فشل المحتل في تحقيق نصر عسكري حاسم. على العكس، وجد نفسه عالقًا في حرب استنزاف، حيث تكبد خسائر فادحة. على سبيل المثال، في مارس 2025، استأنف المحتل هجومًا واسعًا على غزة بعد انهيار الهدنة، لكنه فشل في السيطرة على مناطق رئيسية مثل خان يونس، حيث واجهت المقاومة الفلسطينية قواته بعمليات نوعية أدت إلى تدمير عدة آليات عسكرية.
كشف عجز العدو: الانتصار يتجلى في تعرية الكيان اللقيط قاتل الأطفال أمام العالم. فشل المحتل في تبرير جرائمه، حيث تحولت صور الدمار إلى وصمة عار تلاحقه. على سبيل المثال، في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء الكيان اللقيط بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما عزز الضغط الدولي على الكيان.
ثلاث حقائق جوهرية تؤسس للنصر
1.صمود شعب غزة: يواصل الشعب في غزة الثبات رغم الظروف القاسية. على سبيل المثال، في يونيو 2025، أفادت تقارير من الأمم المتحدة أن أهالي شمال غزة، رغم الحصار الشديد، نظموا مبادرات محلية لتوزيع المساعدات القليلة التي تصلهم، مثل توزيع الخبز المصنوع يدويًا في مخيم جباليا. هذه الأعمال ليست قصصًا إنسانية فحسب، بل مقاومة يومية تتحدى الحصار.
2.أزمة الأسرى: أسرى الكيان اللقيط قاتل الأطفال في قبضة المقاومة أصبحوا رمزًا لعجز الكيان. في فبراير 2025، أدى إطلاق سراح ستة أسرى من الكيان دون الوفاء بالتزامات الكيان بإطلاق 600 سجين فلسطيني إلى تصعيد الاحتجاجات داخل يافا المحتلة، حيث تظاهر الآلاف متهمين حكومة الكيان بالفشل في إدارة الأزمة. هذا الضغط أجبر الحكومة على استئناف المفاوضات في مارس 2025.
3.الانقسام الداخلي للعدو: الخلافات داخل الكيان اللقيط قاتل الأطفال بلغت ذروتها. على سبيل المثال، في يوليو 2025، كشف مقال في صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن تصريحات محللين عسكريين وصفوا الحرب في غزة بـ”العقيمة”، مشيرين إلى أن الضغط العسكري لم يحقق أهدافه. هذا الانقسام بين القادة السياسيين والعسكريين يضعف الكيان ويقرب الانتصار الفلسطيني.
خمس ساحات مدنية تُعجّل النصر
لتحقيق هذا النصر، يجب العمل على ساحات مدنية تكمل المقاومة المسلحة وتعزز الصمود الشعبي. إليكم هذه الساحات مع أمثلة حديثة:
1.الدعم الفعلي لغزة
التضامن اللفظي لا يكفي؛ يجب تقديم دعم مادي مباشر. في يوليو 2025، أفادت تقارير عن قوافل إغاثة انطلقت من مصر، بمساعدة منظمات دولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتوصيل الغذاء والدواء عبر معبر رفح رغم القيود المفروضة من الكيان اللقيط قاتل الأطفال. يمكن توسيع هذه الجهود عبر حملات تمويل جماعي عالمية، مثل تلك التي جمعت ملايين الدولارات في أوروبا لدعم مستشفيات غزة الميدانية.
2.الاحتجاجات العالمية المتصاعدة
الاحتجاجات العالمية أداة ضغط سياسي فعالة. في أبريل 2025، شهدت مدينة طنجة في المغرب مظاهرة ضخمة شارك فيها حوالي 1000 شخص ضد رسو سفينة شحن تحمل مكونات طائرات إف-35 إلى الكيان اللقيط قاتل الأطفال، مما دفع السلطات إلى إعادة النظر في التعاون التجاري. حركة المقاطعة (BDS) يمكن أن تتوسع لتشمل مقاطعة اقتصادية أوسع، كما نجحت سابقًا مع شركات مثل “كاتربيلر”.
3.كسر الحصار براً وبحراً وجواً
فك الحصار استراتيجية سياسية حاسمة. في يوليو 2025، أثارت مبادرة “يوم غزة العالمي” في مقديشو، الصومال، انتباه العالم عبر مظاهرات طالبت بإنهاء الحصار، مع التركيز على إلقاء مساعدات جوية. مثل هذه المبادرات، إذا تكررت، يمكن أن تخلق ضغطًا دوليًا. مثال آخر هو محاولات إعادة إطلاق أسطول الحرية في يونيو 2025 من تركيا، والتي، رغم اعتراضها من قبل الكيان اللقيط قاتل الأطفال، سلطت الضوء على الحصار.
4.التحرك الإعلامي المكثف
الحرب الإعلامية لا تقل أهمية عن المعارك الميدانية. في يوليو 2025، وثّق الصحفي الفلسطيني أنس الشريف سرقة شاحنات إغاثة من قبل قوات الكيان اللقيط قاتل الأطفال، مما أثار غضبًا عالميًا بعد نشر الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي. يمكن تعزيز هذا الجهد عبر إنشاء منصات رقمية عالمية، وتدريب صحفيين شباب على استخدام وسائل التواصل بفعالية.
5.توحيد الجهود الفلسطينية
الانقسام الفلسطيني هدية للمحتل. لكن في يوليو 2025، عُقدت اجتماعات في القاهرة بين فصائل المقاومة، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي، لتوحيد الموقف الميداني. تنسيق العمليات بين غزة والضفة، كما حدث في عمليات مشتركة في جنين في يونيو 2025، أظهر قدرة الفصائل على العمل معًا، مما ضاعف الضغط على الكيان اللقيط قاتل الأطفال.
هل دخلنا المرحلة الأخيرة من الحرب؟
تشير المؤشرات إلى أننا في الفصل الأخير والأكثر خطورة. الكيان اللقيط قاتل الأطفال يدرك أن معركته خاسرة، لكنه يصعّد لتجنب الاعتراف بالهزيمة. على سبيل المثال، في مايو 2025، أعلن المحتل عن هجوم موسع في غزة، مصحوبًا بحظر كامل للمساعدات، لكنه واجه إدانات دولية واسعة من دول مثل فرنسا وبريطانيا، التي وصفت هذه الأفعال بانتهاك القانون الدولي.
في هذه المرحلة، يجب أن يبلغ الضغط ذروته عبر:
-
- سياسيًا: الضغط على الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية لتطبيق مذكرات التوقيف ضد قادة الكيان اللقيط قاتل الأطفال.
-
- إعلاميًا: نشر رواية فلسطينية موحدة عبر منصات عالمية.
-
- شعبيًا: تصعيد الاحتجاجات، كما حدث في جميع الدول الأوروبية و في الولايات المتحدة نفسها و عدد كبير من دول العالم ضد الكيان اللقيط قاتل الأطفال.
-
- ميدانيًا: استمرار المقاومة بكل أشكالها، كما أظهرت العمليات في خان يونس في يوليو 2025.
النصر التأريخي: البقاء، الكسر، الاندحار
النصر المطلوب ليس مجرد هزيمة عسكرية، بل تحقيق ثلاثة أهداف:
1.البقاء في الأرض: أن يظل الفلسطينيون صامدين، يعيدون بناء أملهم من الركام، رافضين التهجير.
2.كسر الحصار: تحويل الحصار إلى ذكرى عبر فتح المعابر، كما طالب بذلك بيان مشترك لـ32 دولة في يوليو 2025.
3.اندحار الغزاة: إجبار الكيان اللقيط قاتل الأطفال على الانسحاب تحت ضغط المقاومة والعالم.
هذا النصر ليس النهاية، بل بداية طريق التحرير الشامل. إنه انتصار يكتب بدماء الشهداء، صبر الأمهات، وإيمان الأجيال. إنه انتصار شعب رفض المحو واختار صناعة التأريخ.