مقالات الرأي

المحور الثالث: الحرب الإعلامية والنفسية (الجزء الثالث)

✍️ القسم السياسي:

🎯 الحرب الإعلامية والنفسية ضد إيران في ظلّ العدوان الصهيوني ـ الأمريكي

٢. حربُ روايةِ المقاومة:

دور الشبكات الثورية، تيليغرام، والإنتاج المرئي والمقاطع الشعبية

لم تقتصر الحرب الإعلامية والنفسية ضد إيران خلال عدوان يونيو ٢٠٢٥ على وسائل الإعلام الغربية والعربية فقط، بل قابَلَت إيران ومحور المقاومة بردٍّ إعلاميٍّ قوي. لعبت الشبكات الثورية والوسائل الشعبية، إلى جانب منصّات التواصل مثل تيليغرام، ودُفعاتٌ من الإنتاج المرئي والمقاطع الشعبية دورًا محوريًا في تفنيد روايات العدو وتعزيز روح المقاومة داخل إيران والإقليم. مقابل محاولات قنواتٍ غربية كـ BBC فارسي وCNN ووسائل عربية متّفقة مع الكيان الصهيوني مثل العربية والحدث في تحريف الحقائق وتقويض مكانة إيران، قدّمت شبكات الثورة والساحات الشعبية روايةً مضادةً قويةً عزّزت الوحدة الداخلية ودعمت موقف إيران إقليميًا ودوليًا. فيما يلي تحليلٌ لدور هذه الوسائل وتأثيرها في حرب سرد المقاومة.

أ. الشبكات الثورية: العمود الفقري لرواية المقاومة

أدّت الشبكات الثورية دورًا أساسيًا في مواجهة الحرب النفسية للعدو. بتغطيتها الدقيقة والسريعة لعملية «وعد صادق ٣» — التي شملت إطلاق أكثر من ٥٥٠ صاروخًا باليستيًا و١٠٠٠ طائرة مسيّرة على أهداف استراتيجية صهيونية — نجحت هذه الشبكات بنقل الرواية الرسمية الإيرانية إلى الجمهور العالمي.

شبكة «برس تي في» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية نشرت تقارير مفصّلة عن الأضرار التي لحقت بالكيان، مثل استهداف جزء من قاعدة نفاطيم ومحطة عسقلان، مرفقةً بصور وفيديوهات حقيقية للغارات، ما أحدث أثرًا نفسيًا ملحوظًا لدى المتلقين العالميين وخفّض من مصداقية روايات الإعلام الغربي التي تحدثت عن «فشل إيران».

قناة المنار اللبنانية التابعة لمحور المقاومة عرضت برامج تحليلية بمشاركة خبراء عسكريين فصّلت تكتيكات إيران في عملية «وعد صادق ٣»، مع إبراز نجاحات في اختراق أو تشتت منظومات الدفاع الجوي الصهيونية ـ مثل القبة الحديدية ونظام مقلاع داوود (David’s Sling) ـ وبيّنت نسباً من الفشل في اعتراض نحو ٣٠–٤٠٪ من الصواريخ والطائرات المسيرة، مما سلّط الضوء على قدرة إيران العسكرية.

كما غطّت المنار التظاهرات الجماهيرية الواسعة في إيران ولبنان، ما جسّد وحدة محور المقاومة وأبطَل محاولات قنوات مثل العربية في إثارة الانقسام بين إيران وحلفائها.

قنوات أخرى كالـ مسيرة، وقناة العهد، وقناة الأيام العراقية تواصَلَت مع الجمهور العربي بمنهجيةٍ مماثلة، فنشرت تقارير عن تنسيق محور المقاومة، بما في ذلك هجمات أنصار الله على ميناء أم الرشراش (إيلات)، ما عزّز موقع إيران كقائد لهذا المحور. وشكّلت هذه القنوات رداً سريعًا ومباشرًا على روايات «التمدّد الإيراني» أو «الخطر الشيعي» التي حاولت بعض الوسائل ترويجها.

الشبكات الثورية أيضًا أنتجت موادّ وثائقية وتحليلية قصيرة عن تاريخ المقاومة الإيرانية في مواجهة العدوان الأجنبي، مستندةً إلى أرشيفات ومقابلات مع قادة عسكريين وسياسيين، ما ساعد في تعزيز الروح الوطنية لدى المتلقّي داخل إيران وخارجها، وخصوصًا في لبنان، اليمن والعراق.

ب. دور تيليغرام في حشد الرأي العام

برز تيليغرام كأحد أنشط المنصّات الاجتماعية داخل إيران في معركة السرد الإعلامي. رغم محاولات الهجمات السيبرانية التي رافقت العدوان، بقي تيليغرام وسيلةً فعّالةً لنشر المعلومات بفضل التشفير وسهولة الوصول.

قنوات تيليغرام التابعة للمؤسّسات الثورية (كالقنوات المرتبطة بالحرس والـ بسیج) نشرت تغطيات آنية لعملية «وعد صادق ٣» تتضمّن صورًا وفيديوهات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة وللأضرار التي لحقت بالكيان. هذه القنوات نقلت معلومات تفصيلية عن إصابات صواريخ خیبر وفاتح 110 في مواقع محدّدة داخل القواعد الصهيونية، واختراق طائرات شاهد ١٣٦ لمنظومات الدفاع، ما عزّز المناخ المعنوي الداخلي.

وفق تقارير مركز الدراسات السيبرانية الإيراني، أكثر من ٥٠٠ قناة تيليغرام نشرت محتوى متعلقًا بردّ إيران خلال ثلاثة أيام العمليات، بمجموع متابعين تجاوز ١٠ ملايين، حامتْ فيها إحصاءات مفصّلة عن أعداد الصواريخ والطائرات وتقديرات الخسائر، ما ساهم في تقويض رواية الإعلام الغربي.

كما انتشرت مقاطع شعبية مصوّرة أعدّها المواطنون: لقطات من تظاهرات حاشدة مؤيدة للرد العسكري في طهران وأصفهان ومشهد، وفيديوهات للهجمات من قواعد عسكرية ـ حققت بعض المقاطع ملايين المشاهدات على تيليغرام، ومنها فيديو لتظاهرات في ميدان آزادي بطهران تجاوز مشاهدة المليون، ما جسّد وحدةً وطنيةً ورفع معنويات الجماهير.

تيليغرام استُخدم كذلك كمنصة تنسيق إعلامي لدى شبكات المقاومة في الإقليم؛ قنوات حزب الله وأنصار الله تبادلَت تقارير عن هجماتها على مواقع الكيان، متزامنةً مع التحركات الإيرانية، ما أخرج سردًا منسجمًا للمقاومة على امتداد الساحة الإقليمية.

ج. الإنتاج المرئي والمقاطع الشعبية: سلاح المقاومة في الفضاء الرقمي

لعبت الإنتاجات المرئية الاحترافية والمقاطع الشعبية دورًا لا يُستهان به في المعركة السردية. مؤسسات إعلامية إيرانية مثل شبكات صداوسیما والمؤسسات الثقافية التابعة للحرس الثوري أنتجت فيديوهات عالية الجودة تُصوِّر عملية «وعد صادق ٣»: لقطات لإطلاق صواريخ ذو الفقار وصیاد ٤، تحلّق طائرات كرّار وأبابیل-٥، ومشاهد من الأضرار في قواعد العدو. هذه المواد الموسيقية والمرئية ذات الطابع الحماسي انتشرت بسرعة عبر تيليغرام وإنستغرام وX، مثيرةً مشاعر الفخر الوطني.

مثالٌ بارز: وثائقي مدته ١٥ دقيقة أنتجته قناة الأيام العراقية رصد مراحل التخطيط والتنفيذ للعملية، موضحًا استخدام مبدأ “الإشباع الصاروخي” واختراق الطائرات المسيرة لمنظومات الدفاع الجوي. حصد هذا الوثائقي أكثر من ٢ مليون مشاهدة على منصّات التواصل، وصار أداةً فعّالة في تفنيد روايات وسائل الإعلام الغربية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى