القسم السياسي

غزة بين مطرقة الجوع وسندان الخيانة!

✍️ حوراء المصري:

 

هنا وسط الركام يجلسُ الفتى الغزاوي البالغ من العمر 17 عاماً، لا حول ولا قوة له، فبجانبه امرأة تحتضن أشلاء طفلها بعد أن تم قصفه أثناء بحثه عن كسرةٍ من الخبز اليابس ليطعمَ أمه المتعبة، أشاح الفتى بنظره فإذا به يلمحُ طفلاً لا يتجاوز عمره 6سنوات يرتجفُ خوفاً من أصوات الطائرات التي كادت تنسيه صوت العصافير فهي تحلقُ في سماء غزة منذ بدأ العدوان أي 673 يوماً  حتى هذه اللحظة، ولكن الصدمة هنا انه يجلسُ أمام جثث والديه، فالآن هو وحيد لا يملكُ سوى روحه التي تكاد تفارقه من هول المنظر المحيط به.

غزة هذه المدينة التي تحمل جذوراً تأريخية عميقة ” من أقدم المدن التي عرفها التأريخ، إنها ليست بنت قرن من القرون ،أو وليدة عصر من العصور وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها ورفيقة العصور الفائتة، منذ اليوم الذي سطر التأريخ صحائفه الأولى إلى يومنا هذا”

بهذه الكلمات تحدث المؤرخ ” عارف المعارف” عن غزة وأهميتها في التأريخ الإسلامي والعربي ، فهي موطن الأنبياء،

بعيداً عن أهميتها الدينية ، تمتلك غزة أهمية إجتماعية واقتصادية فغزة تقع في موقع استراتيجي، يجعلها ملتقى القوافل من الجزيرة العربية والشرق الأقصى مروراً بالبحر الأبيض المتوسط فتعد مركزاً لتوزيع البضائع لسوريا وآسيا الصغرى وأوروبا، هنا يتبين لنا مطامع الكيان الصهيوني في السيطرة عليها، فاليوم المشهد في غزة يعود بنا للوراء للثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي الطامع بخيرات الجزائر، حيث استمرت الثورة 24 عاماً بلا كلل وملل من المقاومين ى بل كلما صمدت زادت شراسة وقوة ، فغزة رغم الصعاب تحافظ على شراستها في الدفاع عن أرضها وحقها

غزةُ هاشم رمزٌ للمقاومة والصمود

خلال العدوان الأخير الذي شنه الكيان الغاصب على قطاعِ غزة وما يزال مستمرًا في الحصار، الإبادة، والتجويع والترهيب إلا أن الغزاويين لم يستلموا ولم تُكسر إرادتهم المقاومةَ، بل أصبحت رمزاً عالمياً يحتذى به للصمود والثبات بوجه العدو الغاشم، صمود هذه المقاومة تقودنا إلى كربلاء ،حيث قاوم الحسين”عليه السلام” هو وأصحابه جيش يزيد بكل بسالة رغم قله العُدة والعدد فغزة تحمل نفس الروح المقدامة الثابتة بوجه العدوان الظالم.

عندما نرى اليوم ما يعاني منه أخواننا في غزة من تجويع وإبادة واضحة وصريحة نقف أمام سؤال مفزع ومؤلم في آن :

أين المسلمين ؟ ولاسيما المسلمين العرب؟

هل حقّاً لا يبصرون ما يجري في غزة من مجاعة وتطهير عرقي للإسلام والمسلمين، متناسين القيم والمبادئ الإسلامية التي حثنا عليها نبينا محمد”صلى الله عليه وآله ” ؟!

فغزة تذكرنا بالحصار الذي تعرض له النبي الأكرم في شعب أبي طالب من قبل المشركين، ولكن في يومنا هذا يختلف الأمر فهناك دول مسلمة عربية قادرة على الدفاع عن المسلمين والاسلام برمته الا انها تقف مكتوفة الأيدي مفضلةً مصالحها السياسية والاقتصادية وإن كانت ضد قيمها الإنسانية والإسلامية غافلة عن قوله تعالى ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا  إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا)

 لماذا لا يطعم أهل غزة لوجه الله ، بعضٌ أثرياء العرب بدلاً من صرفهم أموالهم بما يغضب الله؟ ! . فليطعموا غزة التي هي بحاجة ماسة للمأكل والمشرب.

لكن مع الأسف، وصل التخاذل العربي لدرجة أن هؤلاء العرب  يتبرعون بالأموال والطعام لمتضرري فيضانات إحدى  الولايات الأمريكية ، ويحرمون أهل غزة منها.

إن كان العرب لا يريدون التبرع بأموالهم خوفاً عليها من أن تدخل جيوب الصهاينة، فليفتحوا المعابر ، وهناك الكثير ممن يرغب بارسال الطعام لأهل غزة.

رغم كل التضيق والتعتيم الاعلامي التي تتعرض له قضية غزة إلا أنها لاقت الكثير من التعاطف الشعبي الإقليمي والعالمي كذلك من كل أحرار العالم من امريكا اللاتينية وصولاً إلى آسيا .

محور المقاومة يلعب دوراً مهما في قضية غزة  والتي حملتها المقاومة كجزء من معركة الأمة الإسلامية ضد الكيان الغاصب، فرغم التحديات والخسائر الكبيرة التي تعرضت لها المقاومة إلا أنها تقف بوجه العدوان    بكل صرامة موضحة موقفها بكل شفافية أنها لن تتخلى عن نصرة أهل غزة حتى آخر رمق لها.

نعم ، غزة رغم الصعاب ، و بدعم المقاومين الأحرار،   تعيش الأمل في البقاء كشعب حي ، يواصل الأطفال تلقي دروس حفظ  القرآن الكريم وسط الدمار و تحت القصف المستمر  وهم يتطلعون إلى نهاية لهذا الفصل،  ومجيء فصل جديد من الحياة والأمل المستمر ، والعودة للهو الطفولة واللعب والدراسة ،غزة  صامدة أبية  لا تُكسر من قبل حفنة من البائسين. 

و الغزاويون يعلم الحقيقة أنهم أصاحب هذه الأرض والجذور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى