ممرّ زنگزور يشكّل تهديداً متعدّد الأبعاد لإيران
ممرّ زنگزور يشكّل تهديداً متعدّد الأبعاد لإيران، ويتطلّب ردّاً حاسماً. هذا الردّ لا يعني معارضة السلام، بل هو دفاع عن المصالح التراثية والأمنية للبلاد.

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ الممرّ المعروف باسم “زنگزور” يشكّل تهديداً متعدّد الأبعاد لإيران ويستوجب ردّاً حاسماً. هذا الردّ ليس رفضاً للسلام، بل دفاعٌ عن المصالح التراثية والأمنية. هذا الممرّ، الذي يُعرَّف كممرّ بطول 43.5 كيلومتراً في جنوب أرمينيا، من المقرّر أن يربط جمهورية أذربيجان بمنطقة نخجوان ذات الحكم الذاتي، ومنها إلى تركيا. وقد أُوكلت إدارته لمدّة 99 عاماً إلى كونسورتيوم أمريكي، ويشمل بنية تحتية مثل خطوط السكك الحديدية، أنابيب النفط والغاز، كابلات الألياف البصرية، وربما خطوط نقل الكهرباء. الاتفاق، الذي تمّ بوساطة الولايات المتحدة وبدور خلفي من تركيا، يحمل تداعيات عميقة على التوازن الجيوسياسي في جنوب القوقاز، وخصوصاً على موقع إيران.
رغم أن رئيس وزراء أرمينيا قدّم المشروع كجزء من خطة “مفترق طرق السلام” وفرصة للتعاون الإقليمي والدولي، إلا أن تصريحات الوسيط الأمريكي المعادية لإيران، بما في ذلك التهديد بقصف المنشآت النووية خلال نفس الجلسة، تعكس واقعاً مغايراً. هذا الاتفاق قد يؤدّي إلى تقليص دور إيران كممرّ ترانزيت، وقطع الاتصال البري مع أرمينيا، وزيادة نفوذ الناتو وأمريكا على حدودها الشمالية، وتعزيز محور تركيا–أذربيجان.
من الناحية الاقتصادية، سيؤدي الممرّ إلى تراجع عوائد إيران من النقل والخدمات المرتبطة به، وإلى تقوية “الممرّ الأوسط” الذي يربط الدول الناطقة بالتركية بعيداً عن إيران وروسيا، مما يضعف دورها في مشاريع كبرى مثل “الحزام والطريق” الصيني.
أمنياً، وجود إدارة أمريكية للممرّ لمدة 99 عاماً يفتح المجال لإقامة قواعد أو مراكز مراقبة قرب الحدود الإيرانية. التعاون الأمني بين أذربيجان والكيان الصهيوني يزيد من خطورة الموقف، خاصة مع إلغاء القيود الأمريكية على التعاون الدفاعي مع باكو، ما يعزّز التوترات والتحالفات المعادية لإيران.
تصريحات نيكول باشينيان عن أن الممرّ سيكون جسراً للسلام والتعاون مع إيران وروسيا والصين، تتناقض مع الواقع العملي المتمثّل في تسليمه لإدارة أمريكية. إيران ليست ضدّ التواصل الجغرافي بين الدول، لكنها ترفض أي مشروع يقيّد طرق ترانزيتِها أو يغيّر من موقعها الجيوسياسي.
التجارب السابقة، بما في ذلك المناورات العسكرية في شمال غرب البلاد، تؤكد جدّية إيران في منع تمرير هذا المشروع، سواء بدعم روسي أو من دونه. إيران تعتبر أن منع دخول الناتو إلى هذه المنطقة جزء من استراتيجية حماية الأمن القومي، وأن أي تهاون قد يفتح الباب أمام تهديدات مباشرة على حدودها.