القسم السياسي

رحلة البحث عن محمود عباس❗

✍️ حوراء المصري:

 

محمود عباس “أبو مازن” تولّى منصب رئاسة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عام 2005 بعد وفاة ياسر عرفات. ومنذ توليه عمل عباس على تطوير العلاقة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني عبر الكثير من المفاوضات الدبلوماسية، أبرزها “أنابولس 2007” ومفاوضات واشنطن 2013 و2014، رغم أنها لم تكلّل بالنجاح.

هذه المحاولات لاقت الكثير من الانتقاد والرفض، وبالأخص من حركة حماس.

“عباس وحماس: علاقة تتأرجح بين المصالحة والمواجهة”

منذ تولّي عباس زمام الأمور في السلطة الفلسطينية، ظلّت علاقته بحركة حماس تتأرجح بين المصالحة والمواجهة، حيث كانت ولا تزال إحدى أبرز ملفات المشهد السياسي الفلسطيني. فقد تذبذبت العلاقة بين فترات الحوار والتفاهم وفترات الخلاف والصراع الحاد، وذلك بسبب جوهري هو اختلاف الرؤى السياسية، وبالأخص في أسلوب إدارة العلاقة مع الاحتلال الصهيوني.

فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006 بأغلبية كبيرة جعل الخلافات بين فتح وحماس تتفاقم سريعًا، فما كان من حماس إلا أن تفردت بحكم قطاع غزة بعد أن فرضت سلطتها المسلحة وطردت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية عام 2007. منذ ذلك الحين انقسمت الساحة الفلسطينية إلى سلطتين:

 سلطة بقيادة محمود عباس في الضفة الغربية.

 سلطة فعلية بقيادة حماس في قطاع غزة.

بعد سيطرة حماس على قطاع غزة، قامت السلطة الفلسطينية المتمثلة بمحمود عباس بفرض عقوبات مالية وسياسية على حماس والقطاع. ورغم الوساطات التي قامت بها بعض الدول، باءت جميعها بالفشل بسبب الخلاف حول سحب سلاح حماس، الذي يعتبره عباس تهديدًا لسلطته. فهو يؤمن بأن الحل الوحيد للتخلّص من الاحتلال هو المفاوضات الدبلوماسية لا المواجهة العسكرية، ويدعو حماس للجلوس على طاولة الحوار مع الاحتلال والتخلي عن “العنف” والقوة في مواجهة الكيان الصهيوني.

لكن حماس تدرك أن ما يرمي إليه عباس من حوار ومفاوضات مع الكيان لن يجلب منفعة للشعب الفلسطيني، بل سيقضي على مختلف أطيافه. فالاحتلال لا يعترف إلا بسلطة واحدة، وهي سلطته هو.

“عباس واتهام التواطؤ: جدل مستمر في الساحة الفلسطينية”

يتهم بعض الفلسطينيين، وخصوصًا حماس وفصائل المقاومة، محمود عباس بـ”التواطؤ” مع الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لعدة أسباب، أهمها فتحه باب التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، والذي يشمل تبادل المعلومات والإشراف على اعتقال المقاومين والداعمين للقضية الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي هذا السياق، تلعب أجهزة السلطة دورًا مهمًا في قمع الفصائل المقاومة، مما يضعف الجبهة الداخلية الفلسطينية ويفتّت القوة الوطنية. وهذا التعاون هو رسالة واضحة وصريحة من السلطة الفلسطينية، بقيادة عباس، بالاستسلام لمطالب الكيان الصهيوني.

ولم يقتصر هذا التواطؤ على التعاون الأمني، بل أبدى عباس قبوله بالاحتلال كواقع ثابت، وتخلّيه عن دعم المقاومة الشعبية للتخلص من الكيان المحتل، بل ساهم في ترسيخ فكرة الاحتلال.

“دور عباس في استمرار الاحتلال: شريك في البقاء أم رهينة الواقع؟”

إن مواقف عباس من المقاومة دائمًا ما تضعنا أمام تساؤل واحد: هل سياسة عباس تخدم الاحتلال الإسرائيلي أم تخدم القضية الفلسطينية؟

منذ أن تولّى عباس قيادة السلطة الفلسطينية، وهو يضيّق الخناق على الفصائل المقاومة، مما جعل كثيرًا من الفلسطينيين يشكّون في نواياه. فتصريحاته ومواقفه أفقدت الشارع الفلسطيني الثقة في السلطة الفلسطينية، التي يفترض أن يكون على عاتقها استعادة حقوق الشعب الفلسطيني. وقد استغل الكيان الصهيوني هذه الفجوة، وعمل على بث الانقسام بين أطياف الشعب الفلسطيني، مطبّقًا مقولة “فرّق تسد” للهيمنة وطمس القضية الفلسطينية، محققًا ذلك بمساعدة داخلية من “عباس”.

في نهاية المطاف، لقد أثبت محمود عباس، من خلال سياساته المترددة وتنسيقه الأمني المستمر مع الاحتلال، أنه أصبح عبئًا على القضية الفلسطينية بما تحمله من نضال وحلم بالاستقلال، ومحاربته للمقاومة بكل أشكالها. لقد حان الوقت لمراجعة الأدوار وإعادة الأمور إلى نصابها، عبر تكاتف الشعب الفلسطيني وبدء صفحة جديدة بقيادة تطمح لاسترجاع حقوق شعبها وعيشهم بكرامة وحرية تحت سقف الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى