مقالات الرأي

المحور الرابع: ردود الفعل الشعبية والبُعد الثقافي «الجزء الثانی»

✍️ القسم السياسي:

 

هذه الأغاني التي حملت مضامين المقاومة والوحدة، أسهمت في رفع معنويات الشعب، وانتشرت على نطاق واسع في المظاهرات والمهرجانات. كما ساهم الشعراء الثوريون، من خلال نظم قصائد عن الشهداء والمقاومة، في ترسيخ ثقافة الجهاد. وقد حقق ديوان الشعر «نار المقاومة»، الذي أصدره شعراء شباب، مبيعات تجاوزت 10 آلاف نسخة، ليصبح أحد أبرز الأعمال الأدبية الرائجة خلال العام.

المقاومة الاجتماعية في إيران أمام الحرب النفسية التي شنها العدو خلال العدوان الصهيوني–الأمريكي في يونيو/حزيران 2025، شكّلت نموذجًا فريدًا من التلاحم الوطني والقوة الثقافية.

إن الحضور المليوني للشعب في المظاهرات، والدعم المادي والمعنوي للقوات المسلحة، وتنظيم المهرجانات الجهادية والفنية، لم يُفشل فقط الحرب النفسية التي شنّها الكيان الصهيوني وحلفاؤه، بل عزّز روح المقاومة داخل إيران وخارجها. كما أظهرت هذه التظاهرات، التي حظيت بتغطية واسعة من القنوات الثورية وانتشار على المنصات الاجتماعية، وحدة الصف الوطني. أما المساعدات الشعبية، من جمع التبرعات المالية إلى إنتاج المحتوى الإعلامي، فقد عكست عمق ارتباط الشعب بالنظام. كذلك تحولت المهرجانات الجهادية والفنية، عبر نشر القيم الثورية وعرض الإنجازات العسكرية، إلى سلاح ثقافي قوي في مواجهة العدو. هذه الردود، المتجذرة في ثقافة المقاومة الإيرانية، رسّخت مكانة إيران كقوة صامدة، وأثبتت أن الشعب الإيراني قادر على مواجهة أي تهديد، من الحرب العسكرية إلى العمليات النفسية.

٢. فن المقاومة في زمن الحرب:

الشعر، الكاريكاتور، تصميم الملصقات، ورسوم الأطفال للمقاتلين

لعب فن المقاومة في إيران، كأحد أهم الأدوات الثقافية في مواجهة العدوان الصهيوني–الأمريكي في يونيو/حزيران 2025، دورًا محوريًا في تعزيز الروح الوطنية والتصدي للحرب النفسية. فبينما حاولت وسائل الإعلام الغربية والعربية، مثل بي بي سي الفارسية، وسي إن إن، والعربية، تشويه الحقائق والنيل من مكانة إيران، أبدع الفنانون الإيرانيون، من خلال الشعر، والكاريكاتور، وتصميم الملصقات، ورسوم الأطفال، رواية قوية عن الصمود والمقاومة. هذه الأعمال، التي عُرضت في المهرجانات، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الساحات العامة، لم تعزز الوحدة الوطنية فحسب، بل منحت مقاتلي محور المقاومة، بمن فيهم الإيرانيون وحلفاؤهم في لبنان واليمن، دفعة معنوية كبيرة.

أ. الشعر: صوت المقاومة في مواجهة العدو

أصبح الشعر، كأقدم وأقوى أشكال الفن في الثقافة الإيرانية، أداة فعّالة لتعبئة المشاعر الوطنية وتعزيز روح المقاومة أثناء العدوان. فقد أبدع الشعراء الثوريون، من الشباب والمخضرمين، قصائد حماسية وعاطفية تصوّر عملية «الوعد الصادق 3» وإنجازات إيران العسكرية، مثل إصابة صواريخ «خيبر» و«ذو الفقار» لقواعد الكيان الصهيوني. وكان ديوان «نار المقاومة»، الذي أصدره شعراء شباب في طهران، من أبرز الأعمال الأدبية في تلك الفترة، إذ تجاوزت مبيعاته 12 ألف نسخة، وضم قصائد تمجّد شهداء المقاومة، مثل شهداء الهجوم على منشأة نطنز، والانتصارات العسكرية الإيرانية.

ومن أبرز قصائد هذا الديوان، قصيدة للشاعر الثوري عليرضا قزوه بعنوان «صواريخ السماء»، تصف إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية وتأثيرها على الكيان الصهيوني. وقد لاقت هذه القصيدة، التي أُلقيت في مهرجان «الوعد الصادق» بأصفهان، إقبالًا واسعًا، وحققت أكثر من 500 ألف مشاهدة على تلغرام. جمعت مضامين هذه القصائد بين الحماسة والنفَس العرفاني، مذكّرة بأن مقاومة إيران متجذرة في التاريخ والثقافة الإسلامية ولا يمكن كسرها أمام العدوان الخارجي.

كما كان للشعر الشعبي دور بارز؛ ففي مناطق مثل خوزستان وكردستان، نظم الشعراء قصائد باللغات المحلية، كالعربية والكردية، تُظهر دعم الشعب للقوات المسلحة ومحور المقاومة. في الأهواز، تحولت قصيدة عربية أُهديت لمقاتلي عملية «الوعد الصادق 3» إلى نشيد مقاومة يتردد في التظاهرات المحلية.

ب. الكاريكاتور: السخرية في خدمة المقاومة

لعب فن الكاريكاتور دورًا مهمًا في المعركة الثقافية ضد الحرب النفسية. فقد أبدع رسامو الكاريكاتور الإيرانيون أعمالًا تسخر من الكيان الصهيوني وحلفائه الأمريكيين، وتُظهر نقاط ضعفهم. من أشهرها عمل لجواد عليزاده يصوّر منظومة «القبة الحديدية» كمنخل مثقوب تمرّ عبره الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية بسهولة. وقد نُشر هذا الكاريكاتور في الصحف الداخلية وعلى وسائل التواصل، وحقق أكثر من مليون مشاهدة على تلغرام، ليصبح رمزًا لفشل العدو في التصدي للرد الإيراني.

كما تناولت الكاريكاتيرات التحريفات الإعلامية لوسائل العدو، مثل بي بي سي وسي إن إن. رسم محمدرضا دوست‌محمدي لوحة تُظهر مذيع بي بي سي وهو يبث أخبارًا كاذبة عن «انهيار إيران»، وقد عُرضت هذه الرسمة في المعارض الفنية وتداولها الجمهور بكثافة.

شهدت طهران معرض «المقاومة المضحكة» الذي نظّمته منظمة التعبئة للفنانين، وحضره أكثر من 500 ألف زائر، عُرضت فيه مئات الأعمال التي تُظهر إخفاقات الكيان، مثل فشله في حماية قاعدة نفاتيم ومحطة عسقلان، بأسلوب ساخر قريب من الناس وخاصة الشباب.

ج. تصميم الملصقات: الفن البصري في خدمة المقاومة

شكّل تصميم الملصقات أحد أبرز أشكال الفن خلال العدوان، بفضل قوته البصرية وقدرته على حشد الرأي العام. وُزعت ملصقات المقاومة، التي أبدعها فنانون محترفون وهواة، في الشوارع، والجامعات، والمساجد، حاملة رسائل الصمود. من أشهرها ملصق أنتجته منظمة أوج الثقافية يُظهر صاروخ «ذو الفقار» وهو يصيب قاعدة نفاتيم، مع شعار «إيران قوية، والعدو ضعيف».

كما خُصصت ملصقات أخرى لتمجيد شهداء المقاومة وإنجازات عملية «الوعد الصادق 3»، مثل ملصق يُظهر مقاتلًا إيرانيًا بجانب طائرة «شاهد 136» المسيّرة، مع عبارة «المقاومة طريق النصر»، وقد رُفع بكثافة في التظاهرات المليونية في طهران ومشهد.

ساهم طلاب كليات الفنون في طهران، وشيراز، وأصفهان في إنتاج هذه الملصقات. وأقيم في جامعة طهران مهرجان «ملصق المقاومة» الذي عرض أكثر من 300 عمل من مختلف أنحاء البلاد، وحضره أكثر من 20 ألف زائر. وقد تُرجمت بعض هذه الملصقات إلى العربية والإنجليزية لإيصال رسالة المقاومة إقليميًا وعالميًا.

د. رسوم الأطفال: رسالة براءة للمقاومة

لعبت رسوم الأطفال دورًا مؤثرًا في رفع معنويات المقاتلين والشعب أثناء العدوان. فقد عبّر الأطفال الإيرانيون، خاصة في المدارس والمراكز الثقافية، عن دعمهم لعملية «الوعد الصادق 3» عبر رسومات تُظهر المقاتلين، والصواريخ، والطائرات المسيّرة الإيرانية.

أقام مركز رعاية الطفولة والناشئة في مشهد معرض «رسومات صغيرة، رسائل كبيرة» عرض فيه أكثر من 500 لوحة لأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا. تضمنت الرسومات صورًا لصواريخ إيرانية متجهة نحو الكيان، والعلم الإيراني بجانب المقاتلين، وشعارات مثل «نحن منتصرون». إحدى أبرز اللوحات كانت لطفل في الثامنة من أهواز، رسم صاروخ «فاتح 110» إلى جانب قلب أحمر والعلم الإيراني، وقد أُهديت لمقاتلي قاعدة صواريخ في الأهواز، وحققت أكثر من 300 ألف مشاهدة على شبكات التواصل.

كما أُرسلت بعض هذه الرسومات لمقاتلي محور المقاومة، مثل حزب الله وأنصار الله، حيث عُرضت في قواعدهم باليمن ولبنان، وقوبلت بترحيب كبير.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى