القسم السياسي

نواف سلام⁩ رئيس حكومة الحرب الأهلية بامتياز !

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

تتصاعد التوترات السياسية في لبنان، و يبرز  معها نواف سلام، رئيس الحكومة الحالي، كشخصية مثيرة للجدل، متهمًا بأنه يقود البلاد نحو هاوية الحرب الأهلية من خلال سياساته التي تُعتبر تسهيلاً للمشروع الصهيوني. هذا المشروع، الذي يرفضه غالبية الشعب اللبناني، يهدف إلى إضعاف المقاومة وتجريد لبنان من أدوات دفاعه الذاتي ضد الاحتلال الصهيوني والتهديدات الإرهابية. فمن خلال تصريحاته الأخيرة، التي جاءت كرد على كلام الشيخ نعيم قاسم، أمين عام حزب الله، يظهر سلام كأنه يدفع البلاد نحو الفتنة، مستفيدًا من دعم خارجي يُشبه الوصاية التأريخية التي عانى منها لبنان سابقًا. 

كيف تحولت حكومة سلام إلى أداة لتنفيذ أجندة الكيان الصهيوني، ولماذا يركز على اتهاماته للشيخ قاسم، ؟!.

نواف سلام‬⁩ رئيس حكومة الحرب الأهلية بامتياز، لأنها حكومة تسهيل المشروع الصهيوني الذي لن تقبل به أكثرية الشعب اللبناني خلافاً لما يروج له طحالب ⁧‫الاعلام الابراهيمي‬⁩ و طفيلياته. 

وفي الواقع، يأتي هذا الاتهام في سياق تصريحات سلام الأخيرة في حديثه لجريدة “الشرق الأوسط”، حيث اتهم الشيخ نعيم قاسم بـ”تهديد مبطن بالحرب الأهلية”، معتبرًا أن لا أحد في لبنان يريد هذه الحرب وأن التهديد بها مرفوض تمامًا. لكن النظرة الأعمق تكشف أن سياسات سلام هي التي تُمهد الطريق للفتنة، من خلال التركيز على نزع سلاح المقاومة تحت غطاء “بسط سلطة الدولة” كما ينص اتفاق الطائف، دون النظر إلى الواقع الذي يشهد فيه الكيان الصهيوني انتهاكات يومية للسيادة اللبنانية، مثل الغارات الجوية والتجسس البحري. هذه الحكومة، بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية، تبدو كأنها تنفذ أجندة خارجية تهدف إلى إضعاف الجبهة الداخلية، مما يجعلها مسؤولة عن أي تصعيد محتمل. 

‏⁧نواف سلام‬⁩ الذي يعتمد في إنجازاته على مساعدة ⁧‫نتنياهو‬⁩، كما أكد الأخير، هو رجل الحرب الأهلية بامتياز، ويشتغل عليها منهجيّاً، ويدفع صوبها. في الحقيقة هو خادم أمين للوصايتين، وتحديداً وصاية مبعوث السعودية الأمير يزيد التي تشتهي هذه الحرب بكل جوارحها! وهنا يبرز الارتباط الواضح بين سياسات سلام وبين دعم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي أعلن مرارًا عن تنفيذ “مهمة تأريخية إلهية” مرتبطة بفكرة “إسرائيل الكبرى”، والتي تشمل توسيع النفوذ في المنطقة على حساب الدول المجاورة مثل لبنان. 

تصريحات نتنياهو هذه، التي تُعتبر تهديدًا مباشرًا للسيادة اللبنانية، لم تلق ردًا قويًا من حكومة سلام، بل بدت كأنها تتماشى معها، خاصة في ظل الحديث عن تنفيذ مشاريع أمريكية-صهيونية تستهدف نزع سلاح حزب الله. هذا الاعتماد على الدعم الخارجي يذكر بفترات الوصاية السورية والسعودية السابقة، لكن اليوم يأخذ طابعًا أكثر خطورة مع الدعم الصهيوني المباشر، الذي يرى في الحرب الأهلية اللبنانية فرصة لإضعاف المقاومة. 

وفقًا لتقارير إعلامية، فإن سلام أكد في حديثه أن قرارات حكومته “لبنانية صرف”، لكن الواقع يشير إلى اجتماعات متكررة مع سفراء غربيين، مما يعزز الشكوك حول استقلاليتها. 

‏ولعل نشوة السلطة الكرتونية، أعمت بصيرته، وجعلته غير قادر على توقع عواقب سياساته المشبوهة والمعيبة. قلك نتنياهو أنه ينفذ «مهمة تأريخية وإلهية مرتبطة بفكرة “⁧‫ إسرائيل الكبرى‬⁩»، ماذا كان رد فعل حكومته؟ مثل رد فعل الجولاني. حتى ملك الأردن انزعج ! هذه النشوة بالسلطة، التي تبدو وكأنها سلطة وهمية في ظل الانهيار الاقتصادي والسياسي في لبنان، تجعل سلام يتجاهل الدروس التأريخية من الاجتياح الصهيوني عام 1982 أو حرب تموز عام 2006، حيث أثبتت المقاومة قدرتها على ردع الاحتلال. 

رد فعل حكومة سلام على تصريحات نتنياهو كان ضعيفًا، مشابهًا لردود فعل أحمد الشرع (الجولاني)، قائد هيئة تحرير الشام في سوريا، الذي يُتهم بالتعاون مع الكيان الصهيوني. حتى شخصيات مثل “ملك الأردن ”، الذي يُرمز به إلى تجار أو سياسيين يعملون لصالح الصهاينة منذ أجيال، شعروا بالإحراج من هذا الصمت. هذه السياسات المشبوهة قد تؤدي إلى عواقب كارثية، مثل تفكك الجيش أو اندلاع اشتباكات داخلية، كما حدث في الماضي.

‏⁧‫الشيخ نعيم‬⁩ لم يهدد بـ  الحرب الأهلية‬⁩” لأنه “الأم الشرعية للطفل”… وعينه وقلبه على البلد! وحزبه يبذل كل ما بوسعه من مرحلة ما بعد الـ 2006 – 2008 لتلافيها. لدينا أمثلة في ⁧‫الطيونة‬⁩ و ⁧‫ شويا‬⁩ و ⁧‫الكحّالة‬⁩ و ⁧‫خلدة‬⁩، وغيرها. لكنه يقول لـ ⁧‫صهاينة الداخل‬⁩ إذا واصلتم تنفيذ الاجندة الصهيونية في لبنان، فنحن مستعدون للمواجهة الكبرى. 

في تصريحاته الأخيرة، أكد الشيخ نعيم قاسم أن مواجهة حزب الله ستعني “لا حياة للبنان”، لكنه لم يقصد التهديد بالحرب الأهلية، بل التحذير من أن تنفيذ أجندة نزع السلاح سيخدم الكيان الصهيوني مباشرة، مما يعرض البلاد للخطر. حزب الله، منذ حرب تموز  2006 التي انتهت بانسحاب الاحتلال الصهيوني، وصولاً إلى أحداث 2008 التي أدت إلى اتفاق الدوحة لتجنب الفتنة، بذل جهودًا هائلة للحفاظ على الاستقرار الداخلي. أمثلة على ذلك تشمل حادثة الطيونة عام 2021، حيث اشتبك مسلحون مع متظاهرين من حزب الله، لكن الحزب تجنب التصعيد؛ وكذلك اشتباكات شويا وخلدة عام 2021، وكمين الكحالة عام 2023، حيث أظهر الحزب ضبط نفس لتجنب الحرب الأهلية. 

هذه الأحداث تثبت أن الشيخ قاسم يركز على الدفاع عن البلاد، محذرًا “صهاينة الداخل” – أي الجهات الداخلية التي تنفذ أجندة الكيان الصهيوني – من الاستمرار في ذلك، وإلا فإن المواجهة الكبرى ستكون حتمية للحفاظ على السيادة. 

في حين يدعي سلام أن لا حزب مخول بحمل السلاح خارج الدولة، وأن السلاح يجب تسليمه للجيش اللبناني لا للعدو الصهيوني، فإن الواقع يظهر أن الجيش غير مجهز كفاية لمواجهة التهديدات الصهيونية دون دعم المقاومة، كما أكدت تقارير دولية. 

‏المواجهة الكبرى هي تلك التي يدفع في اتجاهها ويشتغل عليها بتصميم وعناد، أباطرة ⁧‫نظام الوصايتين‬⁩. هؤلاء هم الذين يدفعون في اتجاه الحرب الأهلية، حمى الله لبنان منها… هذه المرة سيدخل الجولاني ويعمل سكاكينه في رقاب الإنعزاليين (وهم الكتائبيون) وكل أنصار مشروع سحب السلاح، أي تجريد لبنان من كرامته وقوته ودفاعه الوحيد ضد الهمجية التكفيرية، والبربرية الصهيونية! هؤلاء الذين يمثلون نظام الوصايتين (السورية والسعودية سابقًا، والأمريكية-الصهيونية اليوم)، يعملون بإصرار على تفكيك الوحدة الوطنية من خلال الضغط على نزع سلاح المقاومة، الذي يُعتبر الدرع الوحيد ضد البربرية الصهيونية كما في العدوان على  غزة و على لجنوب اللبناني، والهمجية التكفيرية مثل داعش. 

في هذا السياق، قد يدخل أحمد الشرع (الجولاني) كعامل خارجي لتعزيز الفتنة، مستغلاً الإنعزاليين (الذين يدعون إلى عزل المقاومة) وأنصار سحب السلاح، مما يهدد بتجريد لبنان من كرامته. لكن المقاومة، كما أكد الشيخ قاسم، ستدافع عن البلاد، محذرًا من أن أي محاولة للمواجهة ستؤدي إلى كارثة، كما حدث في الحروب السابقة. حمى الله لبنان من هذه الفتنة، التي تبدو وكأن حكومة سلام هي الدافع الرئيسي لها. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى