مقالات الرأي

المحور الثاني: من الهوية العقائدية إلى المكانة الحضارية «القسم الرابع»

✍️ القسم السياسي:

 

النظرة الحضارية والتوحيدية لأنصار الله: مشروع للأمة، لا مجرد جماعة

لا يمكن فهم أنصار الله مجرد حركة سياسية مسلحة نشأت في شمال اليمن؛ فهذا التبسيط يتجاهل العمق العقائدي، والثقل الثقافي، والرؤية الحضارية التي حملها هذا التيار منذ بداياته مع الشهيد السيد حسين بدر الدين الحوثي وحتى المرحلة الحالية من الحضور الإقليمي الفاعل.

ما يميز أنصار الله عن العديد من الحركات الثورية في المنطقة هو أنهم لم يقصروا كفاحهم على هدف وطني محدد، أو مذهب ديني خاص، أو حتى جغرافية اليمن، بل قدموا مشروعاً توحيدياً وشاملاً يعيد بناء الهوية الإسلامية الجامعة، في مواجهة المشروع التفتيتي الأمريكي-الصهيوني الذي قسم المسلمين إلى طوائف، ودول صغيرة، ومناطق تابعة.


أولاً: الإسلام في خطاب أنصار الله… رؤية شاملة، لا مذهبية

يتحرك أنصار الله من منظور إيماني يرى أن الإسلام واحد، وأن القرآن الكريم هو المرجع الأعلى والشامل، لا الفقه المذهبي، ولا العرق، ولا اللغة. لهذا السبب، فإن أدبياتهم الفكرية، خصوصاً دروس القائد الشهيد، تسعى دائماً إلى التأسيس على القرآن، لا على الإرث المختلف عليه.

هذا النهج قربهم إلى بناء وحدة فكرية وروحية تتجاوز الطوائف، حيث يكون الزيدي، والجعفري، والسني متساوون، مادام العدو محدداً ووجود الولاء لمحور المستضعفين قائماً. وربما يفسر ذلك سبب سماع خطاب السيد عبد الملك الحوثي في المناطق السنية قبل الشيعية، وحتى احترامه خارج اليمن، حيث يُنظر إليه كقائد إسلامي، لا زيدي فقط.


ثانياً: الأمة الإسلامية في وعي أنصار الله… لا شرقية ولا غربية

يعتقد أنصار الله أن أكبر كارثة تواجه الأمة الإسلامية هي تمزقها إلى محاور مختلفة، كل منها تابع لقوة عالمية. بعض الأنظمة العربية تدور في مدار واشنطن، وأخرى تتجه نحو موسكو أو بكين، بينما تُهمل قضية فلسطين لصالح الأولويات الاقتصادية والتجارية.

في هذا الإطار، يظهر منظور أنصار الله كحركة ترى أن الولاء الحقيقي للمسلم يجب أن يكون للأمة الواحدة، لا للمحاور الاستكبارية. لذلك، لا يعرفون أنفسهم ضمن الاصطفافات الجيوسياسية الحالية، ولا يقبلون مصطلح «محور إيران» كما يرفضون مصطلح «المحور السعودي»، ويقولون بصراحة: «نحن مع المستضعفين، ضد المستكبرين، حتى لو اجتمع كل أهل الأرض علينا».


ثالثاً: اليمن، مركز حضاري، لا هامش قبلي

في مواجهة محاولات تصوير اليمن كدولة قبلية ومتخلفة، نجح أنصار الله في إعادة تعريف مكانة اليمن الحضارية ضمن خريطة الأمة الإسلامية. قدموا صورة مختلفة لليمن أمام العالم الإسلامي: ليس ذلك الذي يطلب المساعدة، بل الذي يصنع صواريخه، ويدير معاركه، ويصوغ بيانه السياسي بلغة قرآنية خاصة به.

يرى أنصار الله أن لليمن رسالة حضارية، وليس مجرد موقع جغرافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى