القسم السياسي

“الكيان الصهيوني يهاجم قيادات حماس: الاستسلام لا يضمن الأمان”

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

في تطور خطير يضاف إلى سلسلة الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني و عموم محور المقاومة، وتحديداً قيادات حركة حماس، أعلن الكيان الصهيوني رسمياً عن استهدافه لمقر اجتماع قادة وفد الحركة المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة. العملية التي وقعت اليوم الثلاثاء  9 سبتمبر 2025 استهدفت قيادات بارزة مثل خليل الحية وزاهر جبارين، أثناء مناقشتهما لمقترح وقف إطلاق النار المقدم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 

هذه العملية تكشف عن نمط متكرر لدى الكيان الصهيوني والراعي الأمريكي في استهداف قيادات المقاومة: تماماً كما حصل مع سماحة السيد حسن نصر الله في لبنان، حيث تم قدم ترامب اقتراحاً كـ”طُعم” لوقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني، بهدف معرفة مكانه وتحديده ثم اغتياله حين يجري التواصل معه لمعرفة رأيه، تتكرر الأساليب نفسها مع حماس. فاقتراح ترامب للاجتماع لبحث وقف إطلاق النار لم يكن سوى وسيلة لإيهام القيادة بالمفاوضات، في الوقت الذي كان الكيان الصهيوني يخطط فيه بدعم مباشر منه، لاستهدافهم مباشرة. هذه الاستراتيجية تكشف الوجه الحقيقي للعدو الصهيو أمريكي : أي حوار أو اقتراح لم يكن إلا فخاً لإلحاق الأذى، ما يؤكد مرة أخرى أن المقاومة والصمود هما السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة والكرامة أمام هذا العدو المعتدي.

 

العدوان الصهيوني في قلب الدوحة

 

نفذ الكيان الصهيوني الهجوم عبر سلاح الجو، مستهدفاً منطقة “الكتارا” في الدوحة، حيث سُمع دوي انفجارات وتصاعد دخان كثيف. العملية تمت رغم كون قطر دولة ذات سيادة وتستضيف مفاوضات غير مباشرة بين حماس والكيان الصهيوني، ما يجعل هذا الهجوم انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية واعتداءً على دولة مضيفة للمفاوضات. وزارة الخارجية القطرية أدانت الهجوم واعتبرته “جباناً” و”انتهاكاً صارخاً” لسيادة قطر  .

 

أهداف الهجوم وأبعاده

 

الهدف المعلن من الهجوم كان تصفية قيادات حماس المسؤولة عن الهجمات السابقة، خاصة “عملية طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023. الجيش الصهيوني والشاباك أكدا أن العملية جزء من حملة أوسع لتصفية قيادة حماس، بعد الزعم بتدمير جناحها العسكري في غزة  . هذه الخطوة تأتي في وقت حساس، حيث كانت المفاوضات غير المباشرة بين حماس والكيان الصهيوني في الدوحة تقترب من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى  .

 

ردود الفعل الإقليمية والدولية

 

العديد من الدول والمنظمات أدانت الهجوم بشدة. إيران وصفت الهجوم بأنه “إعلان حرب” وتجاوز للخطوط الحمراء  . حركة الجهاد الإسلامي اعتبرت الهجوم “عملاً إجرامياً” ينتهك القوانين والأعراف الدولية، مشيرة إلى أن الدوحة كانت تستضيف وفد الكيان الصهيوني نفسه لإجراء المفاوضات  . الرئيس اليمني مهدي المشاط أكد أن الهجوم يثبت أنه “لا سلام ولا استقرار” دون مقاومة  .

 

الدروس المستفادة

 

هذا الهجوم يبرز حقيقة أن الكيان الصهيوني لا يلتزم بالقوانين الدولية ولا يراعي سيادة الدول المضيفة للمفاوضات. كما يثبت أن المقاومة والصمود هما السبيل الوحيد للحفاظ على الكرامة والوجود، وأن الاستسلام أو الخنوع لا يضمن الأمان. الشعوب والفرقاء في مواجهة هذا العدوان لا خيار أمامهم إلا المقاومة والصمود، لأنها السبيل الوحيد للحفاظ على الكرامة والوجود.

 

وهذا المنطق لا يقتصر على فلسطين فحسب، بل يتكرر في سياقات أخرى مثل ما حدث في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد، حيث غرقت البلاد في الفوضى والصراع الداخلي وتزايدت التدخلات الأجنبية. المشهد السوري يؤكد أن الخضوع أو الاستسلام لا يضمن الأمان، بل يفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات والتدخلات. إن تجربة سوريا درس واضح للشعوب والقيادات: لا حماية للكرامة ولا استقرار حقيقي دون مقاومة صلبة وصمود، فالمواجهة هي السبيل الوحيد للحفاظ على السيادة والوجود الوطني أمام أي عدو معتدي.

 

في الختام، إن الهجوم الصهيوني على الدوحة يثبت مرة أخرى أن الكيان الصهيوني، بدعم مباشر من أمريكا، لا يتوانى عن انتهاك القوانين الدولية والاعتداء على سيادة الدول، حتى عندما يكون هناك اقتراح للتفاوض أو لحل سلمي. وهذا المنطق تكرر سابقاً قبل العدوان الذي استمر اثني عشر يوماً، حين استُخدمت الاقتراحات السياسية كوسيلة لتحديد مواقع القيادات واستهدافها.

 

وبالنظر إلى هذا الأسلوب، فإن أي محاولة للتفاوض مع إيران، بما في ذلك المبادرات الحالية التي يسعى ترامب لإجرائها، يجب أن ترافقها حذر شديد، فالكيان الصهيوني لا يتردد في استهداف أي طرف يثير تهديداً لمشروعه، ولا يضمن أي اتفاق الأمان دون موقف قوي ومقاومة صلبة. وبالمقارنة مع الوضع في سوريا، يظهر أن الحفاظ على السيادة الوطنية والمقاومة هما السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار، وأن الاستسلام أو التهاون لن يوفر أي حماية حقيقية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى