مقالات الرأي

المحور الثالث: الحرب الإعلامية والنفسية (الجزء الرابع)

✍️ القسم السياسي:

مقاطع الفيديو الشعبية لعبت أيضًا دورًا مهمًا، حيث قام المواطنون الإيرانيون، وخصوصًا الشباب، باستخدام هواتفهم الذكية لتصوير مشاهد من التظاهرات، وإطلاق الصواريخ، وحتى ردود الفعل المحلية على هجمات الكيان الصهيوني. فعلى سبيل المثال، انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو صوّره أحد المواطنين في أصفهان يُظهر إطلاق صواريخ باليستية من قاعدة عسكرية، وحصد أكثر من 500 ألف مشاهدة. وقد رافقت هذه المقاطع رسائل مثل «إيران قوية» و«المقاومة منتصرة»، مما ساهم في تعزيز الروح المعنوية العامة.

كما تمت ترجمة هذه الإنتاجات المرئية إلى اللغات العربية والإنجليزية وحتى العبرية، ونشرها لاستهداف الجمهورين الإقليمي والدولي. فعلى سبيل المثال، انتشر مقطع فيديو يُظهر الأضرار التي لحقت بقاعدة «نفاتيم» مرفقًا بترجمة عربية على قنوات تلغرام التابعة لأنصار الله وحزب الله، وحظي بدعم واسع بين المتابعين اليمنيين واللبنانيين. هذه الجهود عكست قدرة إيران على استخدام الإعلام الرقمي لتشكيل الرأي العام ومواجهة الحرب النفسية التي يشنّها العدو.

د. تأثير حرب الرواية للمقاومة على الرأي العام
لقد تركت حرب الرواية للمقاومة آثارًا عميقة على الرأي العام داخل إيران، وفي المنطقة، وعلى المستوى الدولي. داخليًا، ساهمت الشبكات الثورية والمقاطع الشعبية في تعزيز الوحدة الوطنية. وأظهرت التظاهرات الحاشدة في مدن مثل طهران وأصفهان ومشهد، بمشاركة أكثر من مليوني شخص، فشل محاولات الإعلام الغربي والعربي في خلق فجوة بين الشعب والنظام. وقد غطّت هذه التظاهرات بشكل واسع شبكات تلغرام والقنوات الثورية، مما عزّز روح المقاومة، وقدّمت ردّ إيران باعتباره عملًا مشروعًا وقويًا.

إقليميًا، ساعدت الإنتاجات المرئية وتقارير الشبكات الثورية، خصوصًا برنامج «خارج الحدود» الذي بثّته قناة الأیام، في كسب دعم الدول المتحالفة مع محور المقاومة، مثل العراق واليمن ولبنان. فعلى سبيل المثال، أدى نشر فيديوهات لهجمات أنصار الله على ميناء إيلات بالتنسيق مع إيران إلى تعزيز روح التضامن بين فصائل المقاومة. هذا الأمر وضع الكيان الصهيوني تحت ضغط أكبر، إذ اضطر لمواجهة جبهات متعددة في آن واحد.

دوليًا، ساعد نشر المحتوى على منصات التواصل مثل X إيران على إيصال روايتها إلى الجمهور العالمي. وقد أعاد مستخدمون دوليون نشر التقارير التي تُظهر الأضرار التي لحقت بالكيان الصهيوني، مما عزز دعم دول مثل الصين وروسيا التي أدانت عدوان الكيان. هذه الجهود أظهرت أهمية الإعلام الرقمي في الحروب الحديثة، حيث يمكن لقدرة تشكيل الرأي العام أن تضاهي في تأثيرها النجاحات العسكرية.

إن حرب الرواية للمقاومة، التي قادتها الشبكات الثورية وتلغرام والإنتاجات المرئية والمقاطع الشعبية، لعبت دورًا محوريًا في إحباط الحرب النفسية التي شنّها الكيان الصهيوني وحلفاؤه الغربيون خلال عدوان يونيو 2025. فقد واجهت شبكات مثل برس تي‌في، والميادين، والعالم الروايات المزوّرة للإعلام الغربي والعربي عبر تغطية دقيقة لعملية «وعد الصادق 3» وإبراز النجاحات العسكرية الإيرانية.

كما شكّل تلغرام منصة لتعبئة الرأي العام ونشر المقاطع الشعبية، مما عزّز الوحدة الوطنية وروح المقاومة. وتحولت الإنتاجات المرئية، من الأفلام الوثائقية الاحترافية إلى الفيديوهات العفوية للمواطنين، إلى أداة قوية لتشكيل الرأي العام داخل وخارج إيران. هذه الجهود الإعلامية لم تعزز فقط مكانة إيران كقوة مقاومة، بل أثبتت أيضًا أنه في العصر الرقمي، لا تقل حرب الرواية أهمية عن الحرب العسكرية. وباستخدام هذه الأدوات، تمكن محور المقاومة من صياغة معادلة جديدة في الصراع الإعلامي ستظل آثارها حاضرة في مستقبل المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى