زلّة لسان ألمانية تكشف الحقيقة: عندما تكشف الروح الاستعمارية عن نفسها
المستشارة الألمانية: هجمات إسرائيل على إيران "عمل قذر" تقوم به لصالح الغرب

نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:
تصريحات صريحة «فريدريش ميرتس» مستشار ألمانيا بأنّ النظام الصهيوني يقوم بـ«الأعمال القذرة» نيابةً عن الغرب ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم تكن مجرد زلّة لسان بسيطة، بل اعترافٌ غير مسبوق بطبيعة المشروع الاستعماري الشرير الغربي – الصهيوني في الشرق الأوسط. كشفت هذه التصريحات الحقيقة المظلمة التي تختبئ خلف أقنعة حقوق الإنسان والديمقراطية، حيث هناك جهاز معقد من الجرائم والاغتيالات والتخريب والحرب النفسية، يهدف إلى إضعاف محور المقاومة وعلى رأسه الجمهورية الإسلامية.
💣 الغرب يعترف بدوره في الأعمال القذرة
عادةً ما تحاول الأنظمة الغربية تقديم نفسها كمدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن هذه التصريحات تكشف عن حقيقة طالما حاولت وسائل الإعلام والحكومات الغربية إخفاءها. الحديث عن «الأعمال القذرة» يدل على وجود هيكل منظّم من السياسات غير الأخلاقية التي تُدار خلف الكواليس، ليست للدفاع عن «القيم الغربية» كما يُروّج، بل لتدمير الدول التي تشكل تهديداً وجودياً لمشروع الهيمنة والسيطرة.
وإذا كانت ألمانيا تحاول منذ سنوات الابتعاد عن إرث النازية، فإن هذه التصريحات تذكّر بأن جذور الفكر الاستعماري لا تزال عميقة في الوعي الألماني – الأوروبي، وأن الفرق بين الماضي والحاضر ليس إلا في الشكل والأساليب وليس في الجوهر.
🔥 النظام الصهيوني: أسوأ إنجاز استعماري في القرن العشرين
لا بدّ من التذكير دوماً أن النظام الصهيوني هو نتاج مباشر لمخططات استعمارية قذرة شاركت فيها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وغيرها من القوى الاستعمارية. هذا الكيان الوهمي زرع كسكين مسموم في قلب العالم الإسلامي، بهدف تفتيت الأمة الإسلامية وإجهاض أية نهضة تمدنية قد تهدد الهيمنة الغربية السياسية والاقتصادية.
وفي الوقت الذي تدّعي فيه القوى الغربية التزامها بـ«أمن إسرائيل»، فإن هذا الادعاء ما هو إلا استمرار لذلك «الإنجاز القذر» الاستعماري الذي أقام نظاماً يحتل الأرض، ويشرد الشعوب، ويرتكب المجازر.
الدعم الغربي المستمر لهذا النظام في المجالات السياسية والإعلامية والعسكرية يدل على أن هذا النظام لا يمكنه البقاء بدون تلك «الأعمال القذرة» التي أشار إليها ميرتس. ولهذا السبب، فإن كل الأنظمة التي تعارض الاحتلال الصهيوني، وعلى رأسها الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تعتبر أهدافاً رئيسية لهذا التحالف الاستعماري.
وفي هذا السياق، يقول المؤرخ اليهودي «إيلان بابيه»: «لو خصّصت أوروبا نصف أراضي ألمانيا لليهود، لكنت أكبر مؤيد لهذه الفكرة. كان ذلك تعويضاً حقيقياً للهولوكوست. لكن إقامة دولة يهودية على حساب الشعب الفلسطيني الذي لا علاقة له بمعاداة السامية الأوروبية، كان فكرة سيئة جداً». وهذا واحد من أبشع الأعمال الغربية في التاريخ.
🛡️ إيران: الحائط الصلب في وجه المشروع الصهيوني – الغربي
عندما تتعرض الجمهورية الإسلامية الإيرانية لهجمات منتظمة وعدائية من الغرب، فهذه الهجمات ليست بسبب التهديد للديمقراطية كما يزعمون، بل لأنها تشكل الحاجز الأخير أمام تقدم مشروع الهيمنة الصهيوني – الغربي.
فالجمهورية الإسلامية بإيديولوجيتها الثورية وقدرتها على خلق نموذج مقاوم ومستقل أصبحت شوكة في حلق المشروع الاستعماري. إيران هي التي تدعم فلسطين عملياً، وتقف إلى جانب المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، وتقدم مشروعاً حضارياً مختلفاً في مواجهة المشروع العالمي للنهب والاستكبار.
لذلك، يمكن تفسير تركيز الخطاب الغربي على إيران فقط ضمن سياق التوافق الكامل بين النظرة الغربية والصهيونية لخطر إيران. الصهاينة يرونها تهديداً وجودياً، والغرب يعتبرها عائقاً أمام استمرار هيمنته على الشرق الأوسط.
💡 مشروع «الشرق الأوسط الجديد»: خراب باسم الإصلاح
ما رُوّج له عقب احتلال العراق تحت مسمى «مشروع الشرق الأوسط الجديد» هو ذروة سلسلة طويلة من تفتيت المنطقة التي بدأت بزرع الكيان الصهيوني. هذا المشروع لم يحقق سوى حروب أهلية وانهيار اقتصادي ونمو الجماعات التكفيرية وتدمير البنية الثقافية والاجتماعية للدول الإسلامية.
واليوم يتضح أن هدف هذا المشروع ليس مواجهة إسرائيل، بل إعادة بناء الشرق الأوسط بما يخدم أمن وبقاء هذا النظام، حتى لو كلف ذلك دماء ملايين البشر.
ما يحدث اليوم في غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق هو نتاج مباشر لهذا المشروع، والذي استطاع محور المقاومة بقيادة الجمهورية الإسلامية فقط أن يقاومه بفعالية.
🧠 قراءة أعمق: ماذا تعني تصريحات ميرتس؟
لا يجب اعتبار تصريح المستشار الألماني مجرد خطأ دبلوماسي، بل هو مؤشر على الانقسامات العميقة في الخطاب الغربي. هذه اللحظات من الصراحة تكشف ما يُخطط له في الغرف المغلقة.
الاعتراف بوجود «أعمال قذرة» يقوم بها الغرب ضد إيران هو إعلان حرب خفية من النظام الغربي ضد كل صوت حر ومستقل، وخاصة ضد الجمهورية الإسلامية. هذا الكلام هو دليل آخر على أن الحرب مع إيران ليست بسبب الملف النووي ولا دعم المقاومة، بل بسبب جوهر ومبدأ النظام الإيراني.
📍 خلاصة القول:
لن تنسى التاريخ أن «ألمانيا النازية» كانت في طليعة صناعة الفاشية الدموية، وأن «ألمانيا المعاصرة» رغم محاولاتها تجميل صورتها، ما زالت جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الغربية التي تدعم النظام الصهيوني وتقمع صوت المقاومة.
وإذا كان بعض الزلات اللغوية قد تكشف الحقائق، فإن واجب الأحرار في العالم هو قراءة ما بين السطور بفطنة وفهم أن الاستعمار لم ينتهِ، بل غيّر وجهه، وأن الجمهورية الإسلامية ليست مجرد حاجز أمام المشروع الصهيوني – الغربي، بل أمل في إقامة توازن جديد للعدالة والكرامة في العالم.