أخبار العالم

الحائزون على نوبل المجرمون

ترامب، الذي يتحمّل مسؤولية العديد من سفك الدماء، بما في ذلك استشهاد "رايان قاسميان" الرضيع ذو الشهرين خلال الحرب التي استمرت ١٢ يوماً، وبعد أن اتّخذ من الملفّين الصاروخي والنووي ذريعة، بات اليوم يتّخذ من شعار «الموت لأمريكا» ذريعة جديدة لاستمرار التهديد.

نقلاً عن موقع “صدای سما” الإخباري؛
في لقائه الأخير مع بنيامين نتنياهو خلال مأدبة عشاء في البيت الأبيض، أشار دونالد ترامب إلى القصف النووي لمدينتي هيروشيما وناغازاكي في عام 1945 من قِبَل الولايات المتحدة، واصفاً هذا الفعل بأنه مثال على “النجاح” في إنهاء الحروب. وقد شبّه الهجوم المحتمل على المنشآت النووية الإيرانية بقرار هاري ترومان، مهدداً إيران بشكل غير مباشر باستخدام الأسلحة النووية.

وادعى ترامب أيضاً أنه إذا تخلى الإيرانيون عن شعار “الموت لأمريكا”، فإن بإمكانهم الحصول على فرصة “إعادة إعمار” كما حدث في سوريا. غير أن المقصود بإعادة الإعمار في نظره يمكن رؤيته في دمار البنية التحتية السورية على يد الاحتلال الإسرائيلي خلال حكم “جولاني”.

تصريحات ترامب تكشف الوجه الحقيقي للسياسات العدوانية الأمريكية، حيث يسعى لتبرير الجرائم السابقة من أجل شرعنة الأعمال العدائية الحالية. فترامب، الذي يتحمّل مسؤولية سفك دماء كثيرة، من بينها استشهاد “رايان قاسميان” الرضيع ذو الشهرين خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً، بات اليوم يتخذ من شعار “الموت لأمريكا” ذريعة جديدة لاستمرار التهديد، رغم أن هذا الشعار نابع من عقود من الظلم، من الانقلاب على حكومة مصدق في 1953، إلى اغتيال القائد سليماني، وجرائم قتل الأطفال. إن هذا الشعار صرخة من أجل العدالة ومواجهة الظلم.

تبرير الجرائم الماضية

في تصريحاته، وصف ترامب القصف النووي على اليابان بأنه وسيلة لإنهاء الحرب، مشبهاً ذلك بهجوم محتمل على إيران، وكأن مثل هذا الفعل قد يمنع حروباً أخرى. هذه التصريحات تُعد تهديداً صريحاً باستخدام الأسلحة النووية ضد إيران، وتدلّ على أن ترامب لا يرى السلام في الحوار والدبلوماسية، بل في فرض القوة والعنف.

التهديد باستخدام السلاح النووي ضد إيران ليس بالأمر الجديد، لكن صراحة ترامب في تبرير جرائم الماضي وربطها بالسياسات الراهنة يجعل الأمر أكثر خطورة. فالقصف النووي الذي حصد أرواح مئات الآلاف من المدنيين يُعد من أبشع الجرائم في التاريخ. ومدح ترامب لتلك الكارثة إهانة للضحايا، وتحذير للعالم من أن القوى الغربية قد تلجأ مجدداً إلى أسلحة الدمار الشامل لفرض هيمنتها.

تحالف ترامب ونتنياهو

وجود نتنياهو إلى جانب ترامب ومطالبته بمنحه جائزة نوبل للسلام يُظهر مدى التنسيق العميق بينهما في عدائهما لإيران. نتنياهو، الذي لطالما صوّر إيران كتهديد للمنطقة، أبدى بذلك دعمه لسياسات أمريكا العدوانية. ويأتي هذا في وقت يُتّهم فيه الكيان الصهيوني بانتهاك حقوق الإنسان، واحتلال الأراضي الفلسطينية، وشنّ هجمات عسكرية على دول الجوار.

من جهته، ساهم ترامب بسياسة “الضغط الأقصى” ودعمه للهجمات العسكرية في جرّ المنطقة إلى مزيد من التوترات. فالحرب التي استمرت 12 يوماً، وأسفرت عن استشهاد أكثر من 1100 إيراني، بينهم نساء وأطفال، نُفّذت بدعم مباشر من إدارته.

الرضيع “رايان قاسميان”، الذي استُشهد في تلك الحرب، أصبح رمزاً لمظلومية الشعب الإيراني أمام الجرائم المدعومة أمريكياً. وقد سقط إلى جانبه مئات الأطفال والمدنيين ضحايا لتلك السياسات، فيما يدّعي ترامب الساعي لنيل جائزة نوبل للسلام، بأنه “محبّ للسلام”.

من يهدد الآخر؟

شعار “الموت لأمريكا” هو ردّ فعل على عقود من التدخلات والجرائم الأمريكية ضد إيران، بدءاً من الانقلاب على حكومة مصدق، إلى دعم نظام الشاه، مروراً بدعم صدام في الحرب المفروضة، وانتهاءً باغتيال القائد سليماني، وقصف طائرة مدنية، وفرض العقوبات التي تسببت في وفاة آلاف المرضى. إن هذا الشعار ليس دعوة للعنف، بل هو تعبير عن غضب ومقاومة شعب مظلوم.

تصريحات ترامب التي يطلب فيها من الإيرانيين التخلي عن هذا الشعار، تهدف إلى تزييف أسباب هذا الاحتجاج الشعبي. فشعبٌ رأى فلذات أكباده يُستشهدون، من القائد سليماني إلى الرضيع قاسميان، لن يتنازل عن شعاره المقاوم بسهولة.

السلام أم الهيمنة؟

ترامب وحلفاؤه يرون السلام خضوعاً وهيمنة. فالقصف النووي الذي يمدحه، جعل من اليابان دولة تابعة لأمريكا. وهذا النموذج من “السلام المفروض” هو ما يُراد تطبيقه على إيران. لكن إيران، التي صمدت لعقود في وجه الضغوط الخارجية، ترى السلام الحقيقي في الاستقلال والعدالة. وشعار “الموت لأمريكا” هو صرخة للحفاظ على الكرامة والوقوف في وجه الاستكبار.

وقد كشفت التصريحات الأخيرة مجدداً أن السياسة الأمريكية تجاه إيران قائمة على مفهوم الهيمنة تحت غطاء السلام، وهو ما لن تقبله طهران. كما أن ما عبّر عنه قائد الثورة الإسلامية بشأن عدم القبول بـ”سلام مفروض”، يأتي في هذا السياق، ويؤكد الحاجة الملحّة لتعزيز القدرات الدفاعية والدبلوماسية الإيرانية أكثر من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى