
✍️ مجاهِد الصریمی – صنعاء:
عند تنقلك بين الكتب التي تسطر سيرة وحياة حزب الله، والتعرف على شخصياته البارزة، والإحاطة بمواقفهم الحاسمة في مراحل حياتهم، تنفتح أمامك بوابات الإدراك في تلك اللحظة التي تدرك فيها ماهية البنية الفكرية التي حملوها بكل تفاصيلها، وتلمس تأثير تلك الأفكار على نفوسهم وعلى واقعهم المحيط. لقد نجحوا في نزع العوائق والمآزق، وتجاوزوا الركود، وانكسرت جبال الجمود بمدوا كسارة العزيمة، مطرقة الصبر، وسندان الفعل العملي.
لقد رسموا صورة جديدة للطبيعة الإنسانية، صورة تدفع للاستدلال على فطرتنا التي تطمح إلى الحق والعدل والخير والمحبة، وتشعر بالكرامة وتستعد للفداء من أجل هذه القيم. وستجد في تجربتهم دروسًا لا تُحصى، تستحق التأمل والعمل بها، وأهمها:
مقاتلو حزب الله يمتلكون روحًا تتجاوز حدود الجسد، روحًا تمتد في أفق الوجود، فتنبثق من أعمالهم ومواقفهم ما يفوق قدرة الجسد حتى حين يتجمع جماعيًا.
حين ساروا في طريق الله، لم يقيدهم ظرف مكان أو زمان، ولا حدّ عرقي أو قومي. نظروا إلى أبعد نقطة يتواجد فيها الظالم المستكبر، فكان هذا يمنحهم الأرض ويجعلهم قدوة للكرامة والحرية في كل العالم. ثقافتهم نابعة من المستقبل لا من الماضي، وفلسطين كانت دائمًا بوصلة هذه الثقافة.
🔹 حزب الله وشرعيته:
لقد استمد هذا الحزب معناه من التزامه بالقرآن وسنة رسول الله، ومن استلهام نهج الإمام الخميني وولايته العلمية، ما مكّنه من تجاوز التردد والازدواجية التي رافقت بعض الحركات السياسية في العالم العربي خلال القرن العشرين.
أفعالهم كانت متجذرة في العقيدة، والسلوك قائم على الإيمان، لا مجرد واجب أو تسلية. وهم بذلك جددوا معنى النضال بمعزل عن القيد الزائف، حتى أصبح الله عنوان وجودهم الأهم:
“لو لم يؤمن مقاومو حزب الله بيوم الحساب والجنّة والنار، لما كان في جهادهم معنى، ولا مقاومة، ولا انتصار.”
تاريخ الشهداء ونهجهم وروحهم المجاهدة تشهد أن الإنسان، في فكرهم، هو كرامة مقدسة، والوطن مهد يتباهى به، والله محور كل حركة وكل كلمة.
🔚 ختامًا،
عندما تسير في كتاباتهم أو تستمع إلى كلمتهم، تشعر بعبق الحياة والوعي؛ بعبق الجنوب المنبعث من النبيه الحي في قلوبهم، عبق يقودك لا إلى مرور سطحي بل إلى فهم جوهري: حزب الله ليس مجرد اسم، بل هو امتدادٌ روحي يحمل فجر التغيير والنضال الإنساني الأصيل.
… نسمة عطر الجنوب التي تحمل روح المقاومة.