مقالات الرأي

الشرطة والتكنولوجيا

لقد شكّلت التقدّمات التكنولوجية في السنوات الأخيرة أنشطة الشرطة بطرق مختلفة وهامة. ويكفي أن نلاحظ أن الاستراتيجية الرئيسية للشرطة خلال معظم القرن العشرين كانت استجابة لاختراع السيارة، والاتصالات اللاسلكية ذات الاتجاهين، وأنظمة الحاسوب

الدكتور غلام حسين بياباني؛ أستاذ مشارك في قسم كشف الجرائم بجامعة علوم الشرطة الشاملة “أمين”

شهدت العقود الأخيرة تطوّرات كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، والأنظمة التحليلية، وأنظمة المراقبة بالفيديو، وفحوصات الحمض النووي (DNA)، وغيرها من التقنيات، وكان لها تأثيرات هائلة على إدارات الشرطة.

إن اتخاذ قرارات تتعلّق باستخدام التكنولوجيا يُعدّ من القضايا ذات الأولوية العليا لدى الشرطة، لأن الأجهزة الأمنية تنفق مبالغ طائلة على أمل تحسين كفاءتها وفاعليتها.

ومع ذلك، فإن الدراسات حول التقنيات الشرطية لا تزال محدودة، وتشير الأدلة المتاحة إلى أن تأثير التكنولوجيا على كفاءة الشرطة قد يكون محدوداً بفعل عوامل متعددة.

ولغرض توسيع مجال البحث في هذه القضية، وتوفير المعرفة اللازمة لاتخاذ قرارات شرطية فعّالة بشأن استخدام التكنولوجيا، يقدّم هذا المقال نتائج دراسة متعددة العوامل والأبعاد حول الآثار السلوكية والتنظيمية والاجتماعية للتقنيات المرتبطة بالشرطة.

صوت سما

تهدف هذه الدراسة إلى تعزيز الفهم في الجوانب التالية:

  1. الطرق المقصودة أو غير المقصودة التي تؤثر بها التكنولوجيا على إدارات الشرطة.

  2. الجوانب السياقية المختلفة لإدارات الشرطة وبيئاتها، التي تشكّل استخدام التكنولوجيا الشرطية ومدى فاعليتها.

تشكل التطورات التكنولوجية في العمل الشرطي جانباً حيوياً من الشرطة الحديثة، ولكن غالباً ما تكون التكنولوجيا قد صُمّمت لغرض آخر ثم تم تكييفها للاستخدام الشرطي، مما يعني أن المجرمين غالباً ما يسبقون الشرطة بخطوة في استخدام التكنولوجيا.

وقد أدى نمو التكنولوجيا إلى تعزيز استجابات شرطية أكثر كفاءة وفعالية، نذكر منها:

  • التكتيكات والأسلحة الأقل فتكاً التي تقلل من الإصابات لكل من المخالفين وضباط الشرطة.

  • أنظمة تحديد المواقع العالمي (GPS) لتحديد مواقع المجرمين والمركبات، وكذلك لإدارة أطقم الشرطة والموارد.

  • أنظمة المعلومات الجغرافية (GIS) التي تساهم في رسم الخرائط وتحديد بؤر الجريمة والمناطق الخطرة.

  • كاميرات الجسم والمركبات، وكاميرات السرعة، وكاميرات المراقبة (CCTV) التي توفر وسائل للكشف عن الحوادث وإثباتها، ومنع وقوع الجريمة.

  • تطورات في العمليات التحقيقية، خاصة في تسريع وتحسين وتحسين كفاءة فحوصات الحمض النووي (DNA).

  • أجهزة التعرف التلقائي على لوحات السيارات (ALPR) التي تُستخدم للكشف عن الجرائم، وجمع الأدلة، وملاحقة المجرمين المتنقلين والإرهابيين والعصابات الإجرامية.

  • تطبيقات الهواتف الذكية التي تتيح للجمهور الوصول إلى الخدمات والإرشادات بشكل أسرع وأكثر فاعلية.

تزداد المعلومات والتحليلات في العمل الشرطي تعقيداً يوماً بعد يوم. فقد استخدمت الشركات التجارية على مدار سنوات طويلة تحليل البيانات لتوقّع أوضاع السوق والاتجاهات والاستراتيجيات التسويقية.

ويمكن للشرطة الاستفادة من تحليلات البيانات المشابهة لتعزيز فاعلية أدائها. فمفهوم “الشرطة المعتمدة على المعلومات” يُطبّق منذ حوالي عشرين عاماً، وأسهم في تحسين تبادل المعلومات، والمساءلة، والتخطيط الاستراتيجي.

كما أشار اللواء المحقق الدكتور محمد قنبري، رئيس شرطة التحريات في البلاد، إلى أن هذا المفهوم يمكن أن يتطوّر إلى نموذج شرطة استباقية مبني على التنبؤ، بحيث يحدّد الأزمنة والأماكن والخصائص التي تزيد فيها احتمالات وقوع الجريمة.

ويمكن لهذه المعلومات أن تدعم مجالات الوقاية، وجمع المعلومات، والتدريب، وصياغة السياسات الأمنية.

ومع ذلك، فإن الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا والمراقبة والمعلومات يثير تحديات قانونية جديدة، خاصةً فيما يتعلق بالتوازن بين مكافحة الجريمة وحماية خصوصية المواطنين وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى