القسم السياسي

العراق بدون الحشد الشعبي: سيناريو الدمار وانهيار الهوية الشيعية

✍️ نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:

 

هل يمكن تخيّل العراق من دون الحشد الشعبي؟

ربما يبدو هذا الافتراض ـ ظاهريًا ـ مجرد نقاش ذهني أو جدل سياسي، لكنه في عمقه كابوس واقعي تسعى قوى إقليمية ودولية لتحويله إلى حقيقة مظلمة. غياب الحشد لا يعني فقط انهيار بنية أمنية، بل يعني سقوط الدرع العقائدي والاجتماعي الذي يشكّل العمود الفقري لصمود شيعة العراق وهويتهم. في ظلّ الهجوم المعقّد الأمريكي-الصهيوني على المنطقة، الحديث عن عراق بلا حشد يعادل الحديث عن شيعة بلا حماية، بلا تمثيل، وبلا مستقبل.

مؤامرة كبرى… ومخطط للشرق الأوسط الجديد

تنظر الولايات المتحدة، بدعم من الكيان الصهيوني، إلى العراق ليس كدولة ذات سيادة، بل كمحطة محورية في مشروع “إسرائيل الكبرى”. في هذا المشروع، لا يُراد للعراق أن يكون كيانًا مستقلًا، بل تابعًا أمنيًا واقتصاديًا لبنية وظيفية تمتدّ من النيل إلى الفرات. الهدف واضح: تقسيم العراق إلى دويلات طائفية وعرقية يكون القرار الأمني والسياسي فيها بيد الصهاينة وشركائهم العرب والغربيين.

في هذا السياق، يشكّل الحشد الشعبي عقبة كبرى أمام تنفيذ هذا المخطط، كونه ليس مجرد هيكل عسكري، بل امتداد روحي وتاريخي لعقيدة المقاومة، وضمانة استراتيجية تحول دون اختراق العمق الشيعي أو تذويبه في مشاريع التطبيع الإقليمي.

داعش وأخواتها… أذرع المشروع الأمريكي-الصهيوني

منذ طرد المحتلّ الأمريكي عام 2011، لم تتوقّف محاولات إعادة الاحتلال، ولكن هذه المرة بوجوه أكثر وحشية. تأسيس تنظيم “داعش” كان أحد هذه الوجوه، فالدولة الداعشية وُلدت برعاية وتمويل وتصميم مباشر من أمريكا والكيان الصهيوني، لتحيي نموذج “الدولة الأموية” التي كانت أداة لذبح الشيعة والعلويين وتكريس منطق السيف والغلبة ضد أهل البيت وشيعتهم.

في سوريا، ظهرت الأمور أكثر وضوحًا، حيث انكشفت نوايا بقايا البعث الصدامي المتعاون مع الإرهاب، والمتماهي مع المشروع الأمريكي. هؤلاء أعلنوا دعمهم العلني للتنظيمات التكفيرية التي سفكت دماء السوريين بوحشية، وهم اليوم يسعون لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء في العراق، وتكرار تجربة الرعب والدم.

واشنطن والسفارة… عقلية استعمارية وقحة

لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة لا تزال تتعامل مع العراق بعقلية احتلالية. فالسفارة الأمريكية في بغداد تتدخّل في أدقّ التفاصيل، وتصدر بيانات حتى في أحداث داخلية بسيطة أو عابرة، وكأنها سلطة أعلى من الدولة الرسمية. الهدف واضح: تأجيج الفتن، تفكيك النسيج الوطني، وتفجير الصراع الشيعي-الشيعي لتمزيق آخر قوة تواجه المشروع الأمريكي في العراق: قوى المقاومة.

تنظر السفارة إلى العراق لا كدولة ذات سيادة، بل كحقل هشّ بحاجة إلى حاكم عسكري أو دمية إدارية تُدار عن بُعد. ومع كل بيان عن “أزمة” أو “صراع”، هناك خطة تُنفّذ لتصفية أو تشويه طرف وطني عراقي يقف في وجه الهيمنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى