المحور الثاني: رد إيران (الجزء الثاني)

✍️ القسم السياسي:
- استخدمت إيران أيضًا طائرات مسيرة ذات تقنيات ملاحة مستقلة جعلتها أكثر مقاومة للتشويش الإلكتروني من قِبل الاحتلال الإسرائيلي.
هذه التطورات التكنولوجية هي ثمرة استثمارات إيران في تطوير الطائرات المسيرة على مدى العقد الماضي، بالتعاون مع حلفائها مثل الصين وروسيا. على سبيل المثال، أصبحت طائرة «شاهد 136» أداة رئيسية في استراتيجية إيران بفضل تكلفتها المنخفضة (حوالي 20 ألف دولار للوحدة) ومدى تحليقها الطويل. لم تُستخدم هذه الطائرات فقط في الهجمات الهجومية، بل أيضاً كوسيلة لإشغال الدفاع الجوي الإسرائيلي، مما سمح للصواريخ الباليستية بتحقيق إصابات أكثر دقة في أهدافها.
بالإضافة إلى ذلك، استخدمت إيران طائرات مسيرة مزودة بكاميرات متقدمة لجمع المعلومات في الوقت الحقيقي، مما ساعد على ضبط دقة الهجمات وتقييم الأضرار. تعكس هذه القدرات تقدم إيران في دمج تقنيات المعلومات مع العسكرية، وجعل الطائرات المسيّرة جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيتها الدفاعية. وأجبرت هذه النجاحات الاحتلال الإسرائيلي على إعادة النظر في منظومات دفاعه الجوي، حيث أظهرت فشل أنظمة مثل «القبة الحديدية» في اعتراض العديد من الطائرات المسيّرة نقاط ضعف هيكلية في هذه الأنظمة.
- ج. مبادئ الحرب السيبرانية
كانت الحرب السيبرانية عنصراً حاسماً في رد إيران، حيث استهدفت الشبكات الاتصالية والسيطرية للاحتلال لتعطيل قدراته العملياتية. نفذت إيران هجمات سيبرانية واسعة على أنظمة الرادار ومراكز القيادة والتحكم وشبكات الاتصال، مما تسبب في انقطاع الإنترنت في مناطق مثل يافا المحتلة، حيفا وعسقلان لمدة تصل إلى 12 ساعة. الهدف الأساسي كان شل قدرة الاحتلال على التنسيق بين وحداته العسكرية، خاصة أثناء الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
ووفقاً لتقارير مركز الأمن السيبراني في جامعة طهران، استخدمت إيران برمجيات خبيثة متطورة مثل فيروسات «وايبر» و«شمعون» لاختراق أنظمة السيطرة للاحتلال. كما استهدفت هذه الهجمات البنى التحتية المدنية مثل شبكات الكهرباء والمياه لخلق حالة من الفوضى. على سبيل المثال، أدى الهجوم السيبراني على شبكة كهرباء حيفا إلى تعطيل أنظمة التحكم بمحطات فرعية أثرت على أكثر من 50 ألف منزل. رغم أن الأضرار السيبرانية كانت أقل تأثيراً مقارنة بالهجمات المادية، إلا أنها زادت الضغط على قيادة الاحتلال التي اضطرت لتخصيص موارد كبيرة للدفاع السيبراني.
أظهرت هذه الهجمات تقدماً ملحوظاً في قدرات إيران السيبرانية التي طُوّرت بالتعاون مع حلفاء مثل روسيا وكوريا الشمالية. وأظهرت إيران قدرتها على تنفيذ عمليات هجينة تجمع بين الهجمات المادية والسيبرانية لتعظيم الأضرار. مثلاً، شملت الهجمات السيبرانية قطع الاتصالات في المناطق المستهدفة بالهجمات الصاروخية لتقليل قدرة الاحتلال على الرد السريع. مع ذلك، واجهت إيران تحديات بسبب وجود وحدات سيبرانية متقدمة لدى الاحتلال مثل الوحدة 8200 التي نجحت في صد بعض الهجمات.
كما استخدمت إيران تقنيات خداع سيبراني، مثل إرسال إشارات مزيفة لأنظمة رادار الاحتلال لتعقيد كشف الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة. هذا يعكس نضج الاستراتيجية السيبرانية الإيرانية التي تجاوزت الدفاع لتشمل الهجوم لتمكين إضعاف العدو. ومع ذلك، تحدد محدوديات مثل قلة المتخصصين السيبرانيين وتعقيد أنظمة الدفاع للعدو من تحقيق التأثير الكامل للهجمات. وهذا يشير إلى أن الحرب السيبرانية ستظل ساحة تنافس رئيسية في الصراع المستقبلي، مما يستدعي استثمارات أكبر من إيران في هذا المجال.
- د. التنسيق مع حلفاء محور المقاومة
لم تقتصر ردود إيران على قدراتها الداخلية، بل شملت تنسيقاً وثيقاً مع حلفاء محور المقاومة لتعزيز فاعلية العمليات. نفذت حركة أنصار الله في اليمن هجمات صاروخية على ميناء أم الرشراش (إيلات) باستخدام صواريخ «قدس» التي تتميز بمدى 2000 كيلومتر ودقة عالية. أدت هذه الهجمات إلى إيقاف حركة الملاحة في الميناء مما زاد الضغط الاقتصادي على الاحتلال بسبب ارتفاع تكاليف التأمين البحري بنسبة 300%.
في لبنان، أعلن حزب الله استعداده للدخول في المعركة عند طلب إيران، رغم التحديات التنظيمية الناتجة عن اغتيال قادته والضغوط الداخلية. هدد حزب الله بشن هجمات فورية على مواقع عسكرية في الجليل باستخدام صواريخ «كاتيوشا»، ما أبقى الجبهة الشمالية نشطة وأجبر الاحتلال على تقسيم قواته على عدة جبهات. كما أعلنت مجموعات المقاومة في العراق مثل كتائب حزب الله جاهزيتها لدعم الرد الإيراني من خلال استهداف أهداف أمريكية في العراق، مما زاد الضغط على التحالف الصهيوني-الأمريكي.
هذا التنسيق أبرز قوة محور المقاومة، رغم الخسائر التي تكبدها في سوريا ولبنان. ووفق تحليل المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، سمح هذا التنسيق لإيران بفتح جبهات متعددة أجبرت الاحتلال على مواجهة تهديدات متزامنة، مما عزز فاعلية الرد الإيراني وأضعف قدرته على الرد بشكل فعال.
كما أرسل هذا التنسيق رسالة سياسية للاحتلال وحلفائه بأن محور المقاومة، رغم التحديات، يبقى قوة موحدة وقادرة على تنفيذ عمليات مشتركة. استغلت إيران هذا التنسيق لتعزيز مكانتها كقائد محور المقاومة، وأظهرت قدرتها على تنسيق الردود الإقليمية حتى مع خسارة حلفاء رئيسيين مثل نظام الأسد. وقد منحها ذلك أيضاً ورقة تفاوضية قوية على الساحة الدولية، حيث عزز قدرتها على حشد الحلفاء الإقليميين مكانتها كقوة إقليمية.
- الإحصائيات والخرائط:
خريطة المناطق المستهدفة، الأسلحة المستخدمة، وتفاصيل الأسلحة الجديدة
أ. خريطة المناطق المستهدفة
وفقًا للتقارير الإعلامية والتحليلات العسكرية، استهدفت إيران خلال عملية «وعد صادق 3» أكثر من 26 هدفًا استراتيجيًا داخل الأراضي المحتلة، عبر 22 موجة هجوم على مدار ثلاثة أيام. تشمل المناطق المستهدفة ما يلي:
- النقب: تعرضت قاعدة «نفاتيم» الجوية، إحدى أكبر قواعد الاحتلال الجوي، لأضرار جسيمة شملت تدمير مدارج الطائرات ومستودعات الأسلحة، ما أسفر عن مقتل 12 ضابطًا وجنديًا.
- الجولان المحتل: تم تدمير جزء من مراكز المعلومات التابعة للوحدة 8200، والتي تشمل أنظمة مراقبة وتجسس متطورة، مما أضعف القدرات الاستخباراتية للاحتلال.
- عسقلان: محطة الكهرباء الرئيسية التي تسبب تدميرها في انقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 200 ألف مستوطن، وتأثرت الصناعات المحلية بشكل كبير.
- إيلات (أم الرشراش): الميناء الاستراتيجي الذي استهدفته صواريخ أنصار الله بالتنسيق مع إيران، مما أدى إلى توقف حركة الملاحة البحرية فيه.
- وادي عربة وجنوب البحر الميت: تم رصد الطائرات المسيرة الإيرانية في هذه المناطق، مما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار وإثارة حالة من الذعر بين المستوطنين.
وصف الخريطة:
تُظهر الخريطة الأراضي المحتلة مع تحديد نقاط الأهداف بدوائر حمراء. تقع منطقة النقب في الجنوب، وتضم قواعد عسكرية مثل «نفاتيم» و«رامون». الجولان يقع في الشمال الشرقي ويشمل مراكز معلومات ومواقع عسكرية. عسقلان تقع على الساحل الغربي وتعتبر مركزًا اقتصاديًا حيويًا. إيلات هي أقصى الجنوب وتشكل البوابة البحرية للاحتلال على البحر الأحمر. خطوط الهجوم توضح مسارات الصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقت من قواعد في غرب إيران، مثل كرمانشاه وخوزستان، عبر الأجواء العراقية وبعض الدول المجاورة وصولًا للأهداف. كما تبرز الخريطة المناطق التي دوت فيها صفارات الإنذار مثل وادي عربة، مما يدل على اتساع نطاق الهجمات.
تعكس الخريطة قدرة إيران على تنفيذ هجمات دقيقة من مسافات بعيدة، حيث انطلقت مسارات الهجوم من غرب إيران واستخدمت الأجواء المجاورة مثل العراق، مما يتطلب تنسيقًا لوجستيًا متقدمًا وتخطيطًا دقيقًا يُظهر قدرة إيران على إدارة عمليات معقدة. على سبيل المثال، الهجمات على قاعدة نفاتيم جاءت من عدة اتجاهات لإرباك أنظمة الدفاع الجوي للاحتلال.
كما تبرز الخريطة الأثر النفسي للهجمات، إذ دوت صفارات الإنذار في مناطق واسعة، بما في ذلك مناطق غير عسكرية مثل وادي عربة، مما أدى إلى نزوح المستوطنين وزيادة الضغط على الاحتلال.
الملاحق العامة
أمواج الصدمة والآثار المباشرة للصواريخ الثقيلة الإيرانية أحدثت أضرارًا واسعة امتدت لمئات الأمتار عبر مناطق إسرائيل. آلاف المنازل والمباني تعرضت للتلف. في تل أبيب، تعرض 480 مبنى في 5 مناطق مختلفة لأضرار. في رامات جان، تضرر 237 مبنى في 3 مناطق، منها 10 مبانٍ تعرضت لأضرار بالغة. وفي ضواحي بات يام، أصاب صاروخ واحد 78 مبنى، وأعلنت البلدية أنها ستضطر لهدم 22 منها.