الاتجاه المتناقض في التجارة غير النفطية؛ نمو في الحجم مقابل انخفاض في القيمة
على الرغم من النمو الطفيف في حجم التجارة غير النفطية لإيران خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 1404 (التقويم الإيراني)، إلا أن قيمتها بالدولار قد انخفضت، ما يعكس الضغوطات المتعلقة بالعملات الأجنبية، وتراجع أسعار السلع، وتغيرًا في تركيبة الصادرات والواردات في البلاد.

نقلاً عن الموقع الإخباري «صداى سما»؛ على الرغم من النمو الجزئي في حجم التجارة غير النفطية الإيرانية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام ۱۴۰۴، لكنها شهدت انخفاضًا ملحوظًا في القيمة بالدولار، ما يُعَدُّ علامةً على التحولات الهيكلية، السعرية، بل وحتى الجيوسياسية المهمة.
إجمالي حجم التجارة ارتفع بنسبة ۰٫۴۸٪، لكن القيمة بالدولار تراجعت بما يقارب ۱۰٪؛ وهو أمر يُشير إلى تحولات هيكلية، سعرية، وربما جيوسياسية مهمّة.
هذا التناقض بين زيادة وزن البضائع وانخفاض القيمة بالدولار للتجارة يُلمح إلى احتمال انخفاض أسعار السلع التصديرية أو القيام بمعاملات بأسعار غير رسمية ومفضلة. وقد أشار الخبراء إلى عوامل مثل انخفاض الأسعار العالمية للسلع الأساسية مثل المواد البتروكيماوية والمعادن، وزيادة نسبة السلع الأقلّ قيمةً في سلة الصادرات، والمعاملات المقايضة وغير الدولارية مع الدول المجاورة، وكذلك القيود الناجمة عن العقوبات وتقلّبات سعر التحويل للعملة.
الصادرات غير النفطية: زيادة في الوزن مقابل انخفاض في القيمة
وفقًا لذلك، الوزن في الصادرات غير النفطية الإيرانية ارتفع بنسبة ۱٫۴۶٪، لكن القيمة بالدولار انخفضت بنسبة ۵٫۵۱٪. هذا الأمر يُظهر أن المصدرين يعرضون حجمًا أكبر من البضائع بأسعار أقل.
جزء كبير من صادرات إيران مُركّز على المنتجات الأساسية مثل البتروكيماويات، الميثانول، الغاز السائل، والقار، وهو ما يُشير إلى أن انخفاض الأسعار العالمية لهذه المنتجات هو السبب الرئيسي في تراجع قيمة الصادرات؛ فعلى سبيل المثال، صدارات البتروكيماويات شهدت انخفاضًا بنسبة ۸٫۳٪ في الوزن و۱۰٫۲۲٪ في القيمة. هذه الاتجاهات تدلّ على الضغط المتزامن من السوق العالمية والتحديات الداخلية مثل مشكلات التوريد والنقل والتباطؤات العملة.
الواردات: انخفاض في الوزن والقيمة معًا
كما تقلصت الواردات كذلك خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام ۱۴۰۴؛ فقد انخفض الوزن بنسبة ۳٫۲۳٪، والقيمة بالدولار بنسبة ۱۴٫۲٪. هذا الانخفاض الملحوظ في القيمة يُعبّر عن تراجع القوة الشرائية للعملة الأجنبية، والقيود المفروضة بفعل العقوبات، وتحول تركيبة السلع المستوردة نحو السلع الأساسية والأرخص.
كما أن الزيادة في الواردات عبر المقايضة وطرق غير رسمية لعبت دورًا في هذه السلوكيات.
وضع السلع الأساسية المصدّرة والمستوردة
تشير الفحوصات إلى أنه خلال هذه الفترة في جانب الصادرات، العناصر الخمسة الرئيسية هي: الغاز الطبيعي، البروبان المُسال، الميثانول، البوتان المُسال، والقار النفطي — جميعها خام أو نصف خام بلا قيمة مضافة مرتفعة. وهذا يعكس غياب تقدم في تنويع الصادرات نحو منتجات تقنية متقدمة.
أما في جانب الواردات، فالبضائع الأساسية تشمل: الذهب الخام، ذرة علف الحيوان، الأرز، زيت بذور دوّار الشمس، وفول الصويا، حيث يتركّز التركيز على تأمين السلع الأساسية والاستراتيجية لتنظيم السوق الداخلي. وجود الوجود البارز للذهب في الواردات قد يشير إلى الجهود الرامية إلى الحفاظ على قيمة الأصول أو استخدام طرق مقايضة في ظل القيود على التبادل بالدولار.
الوجهات والمصادر التجارية؛ التركيز على الجيران والشركاء الشرقيين
في ما يخص الصادرات، تُعدّ الصين، عراق، الإمارات، تركيا، أفغانستان، باكستان، وعُمان من الوجهات الرئيسية. وفي جانب الواردات، تُعدّ الإمارات، الصين، تركيا، الهند، ألمانيا، روسيا، وهولندا شركاء رئيسيين.
هذا النمط يُظهِر الأهمية الكبيرة للجيران والدول الآسيوية والشرقية في التجارة الإيرانية. التجارة مع أوروبا أقل أهمية، والتبادل التجاري مع أمريكا وحلفائها الرئيسيّة يكاد يكون صفراً. كما أن دور إمارة دبي في تسهيل التجارة يبدو واضحًا.
قمة التناقض: انخفاض القيمة في ذروة حجم التجارة
بحسب تقرير “مهر”، فإن النمو الطفيف في حجم التجارة مقابل الانخفاض الحادّ في القيمة بالدولار يُشير إلى تراجع الإيرادات غير النفطية. تركيز الصادرات على المواد الأولية والواردات على السلع الأساسية يُعدّ علامة مقلقة لعملية إعادة الإنتاج الصناعي في إيران.
تراجع قيمة الصادرات والواردات يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الضغط التضخمي، تراجع العملة الصعبة التي تدخل البلاد، وانخفاض قيمة الريال. استمرار هذا المسار على المدى الطويل سينتج عنه تعميق التخلف التنموي، الاعتماد على العملة الأجنبية، وهشاشة اقتصادية، وهو ما يتطلب اهتمامًا خاصًا من الحكومة.