مؤامرة الكيان الصهيوني في زنگزور: محاولة خبيثة لخنق محور المقاومة وإضعاف إيران الثورية

نجاح محمد علي، صحفي وباحث مختص بشؤون إيران والمنطقة:
في عالم اليوم، حيث تتقاطع مصالح الإمبريالية الأمريكية مع طموحات الكيان الصهيوني الغاصب، تبرز مؤامرات جديدة تهدف إلى تقويض محور المقاومة الذي يمثل الدرع الحصين أمام الاستكبار العالمي. هذه المؤامرات ليست خلافات إقليمية، وإنما هي جزء من خطة شاملة لعزل إيران الإسلامية، خلع سلاح حزب الله اللبناني البطل، وحل الحشد الشعبي العراقي ، وتدمير الروابط الاستراتيجية بين دول المقاومة.
وفي قلب هذه المعركة، يقف كريدور زنگزور كرمز للعدوان الصهيو-أمريكي، الذي يسعى لقطع شرايين إيران وإضعاف نفوذها في القوقاز، بينما يعزز سيطرة الكيان الغاصب على المنطقة بأكملها. إن هذا الممر الحيوي، الذي يُروج له تحت أسماء زائفة مثل “طريق ترامب للسلام والازدهار العالمي”، ليس سوى أداة لتعزيز الهيمنة الغربية ومنع وصول إيران إلى أرمينيا وأوروبا، مما يهدد بتغيير التوازن الجيوسياسي لصالح أعداء الإسلام والثورة.
حقل آرش: ساحة المواجهة الأولى في حرب الطاقة ضد المقاومة
لنبدأ بالنظر إلى حقل غاز آرش، الذي يمثل نموذجاً مصغراً للمؤامرة الكبرى. هذا الميدان، الواقع في الخليج الفارسي بين إيران والكويت والسعودية، مصدر طاقة، و ورقة رابحة استراتيجية في يد محور المقاومة. ومع ذلك، تسعى السعودية، كوكيل للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، إلى سرقة هذا الحقل لتضييق الخناق الاقتصادي على إيران وحلفائها. فالرياض، بتنسيق مع واشنطن والكيان الغاصب، تحاول فرض سيطرتها على موارد الغاز لتعزيز الضغط على حزب الله في لبنان، الذي يعتمد جزئياً على الدعم الإيراني للحفاظ على قدراته الردعية. إن أي متر مكعب من غاز آرش يذهب إلى أيدي الأعداء يعني إضعاف الاقتصاد الإيراني وتقليل قدرة المقاومة على مواجهة التهديدات.
المنطق الثوري يفرض أن يتم الاستيلاء على حقل آرش دون تردد، فهو حق إيراني مشروع، وأي تأخير يعني تعزيز حلقة الضغط الاقتصادي والسياسي التي يحيكها المحور الغربي-العبري-العربي. فالسعودية، بسياساتها المنسقة مع الكيان الصهيوني، ليست سوى أداة في يد الاستكبار لإضعاف جبهة المقاومة، وخاصة في لبنان حيث يُحاولون خلع سلاح حزب الله، الذي يمثل الخط الأمامي في مواجهة الغطرسة الصهيونية. وكما أظهرت الخرائط المنشورة، فإن آرش يقع في منطقة إيرانية بحتة، وأي محاولة لتقسيمه هي جزء من المؤامرة لإفقار إيران وإجبارها على التراجع عن دعمها للمقاومة في غزة ولبنان.
زنگزور: قلب المؤامرة الصهيونية لعزل إيران وتقسيم القوقاز
أما ممر زنگزور، فهو الجوهرة في تاج هذه المؤامرة الخبيثة. هذا الممر، الذي يمر عبر جنوب أرمينيا ليربط أذربيجان بنخجوان، طريق تجاري، و سلاح جيوسياسي يهدف إلى قطع الروابط البرية بين إيران وأرمينيا، مما يعزل طهران عن طرقها التجارية والعسكرية نحو أوروبا وروسيا.
وقعت أرمينيا وأذربيجان اتفاق سلام برعاية أمريكية في البيت الأبيض، و يمنح هذ^ الاتفاق الولايات المتحدة حقوقاً حصرية لتطوير هذا الممر، الذي أُطلق عليه اسم “طريق ترامب للسلام والازدهار العالمي” (TRIPP). هذا الاتفاق، الذي يُعتبر جزءاً من خطة أمريكية لربط آسيا الوسطى بأوروبا دون الاعتماد على روسيا أو الصين، يهدف بشكل أساسي إلى قطع الطريق على إيران ومنعها من الوصول إلى موارد الطاقة والمعادن النادرة في المنطقة .
إن عمق المؤامرة يكمن في دور الكيان الصهيوني، الذي يمتلك نفوذاً واسعاً في أذربيجان منذ سنوات. فقد حذرت إيران مراراً من أن باكو أصبحت قاعدة للكيان الغاصب، حيث استخدمت أراضيها في هجمات سابقة ضد إيران، بما في ذلك عدوان الـ12 يوماً الذي فشلت فيها محاولات الصهاينة لضرب الجمهورية الإسلامية.
اليوم، مع دخول أمريكا مباشرة إلى الميدان بعد فشل أردوغان كوكيل، أصبح زنگزور خط تماس لمصالح أمريكا وتركيا وأذربيجان، مدعوماً من الكيان الصهيوني الذي يرى فيه فرصة لتعزيز سيطرته على القوقاز ومنع إيران من دعم حزب الله و المقاومة الفلسطينية .
فالأهداف الأمريكية واضحة: إنشاء رابط اقتصادي مباشر بين آسيا الوسطى وأوروبا، تأمين المعادن النادرة للصناعات التقنية الغربية، ومنع سيطرة روسيا والصين، مع التركيز الأساسي على قطع الروابط الإيرانية .
ومن المؤسف أن روسيا، التي كان يُتوقع منها دوراً أكبر، وقعت في خطأ استراتيجي بمنح تركيا امتيازات سياسية واقتصادية، ظانة أنها تستطيع جذب أنقرة إلى جانبها. لكن تركيا، كعضو في الناتو، تبقى أداة في يد الغرب، وروسيا اليوم في موقف ضعيف أمام هذا الممر. ومع ذلك، فإن التنسيق بين إيران وروسيا والصين يمكن أن يغير المعادلة، حيث تمتلك الصين القدرة الاقتصادية والدبلوماسية لمواجهة الضغوط الغربية.
إيران أعلنت بوضوح أن أي محاولة لقطع طريقها إلى أرمينيا هي خط أحمر، وسيؤدي إلى حرب، كما أكد قائد الثورة . وفي المنشورات الأخيرة على منصة X، يظهر الغضب الشعبي الإيراني من هذا الاتفاق، مع دعوات للتصدي القاطع للمؤامرة .
دور الكيان الصهيوني: اليد الخفية في كل مؤامرة
لا يمكن فهم زنگزور دون الكشف عن دور الكيان الصهيوني، الذي يستخدم أذربيجان كقاعدة للتجسس والعدوان ضد إيران. فقد حذرت تقارير أمنية منذ سنوات من النفوذ الصهيوني في باكو، حيث يُستخدم التراب الأذري لشن هجمات على الجمهورية الإسلامية. هذا الكيان، الذي فشل في غزة رغم تدميره للمدينة، يسعى الآن إلى تعزيز موقعه في القوقاز لإضعاف حزب الله، الذي يُعتبر تياراً شعبياً داخلياً في لبنان، مقاوماً لكل محاولات الخلع. فغزة دُمرت لكن المقاومة بقيت صامدة، وكذلك لبنان. أما أمريكا، فبعد فشل أردوغان كوكيل، دخلت مباشرة لتسيطر على الكريدور، مما يعكس عمق التنسيق بين واشنطن والكيان الغاصب .
محور المقاومة سينتصر، والمؤامرات ستفشل
إن مؤامرة زنگزور، كجزء من سلسلة العدوان الصهيو-أمريكي، لن تنجح أمام صلابة إيران ومحور المقاومة. الجمهورية الإسلامية لن تتخلى عن حقوقها في آرش أو زنگزور، وسيتم الرد القاطع على أي محاولة للعزل. يجب تعزيز التنسيق مع روسيا والصين لمواجهة هذا التهديد، فالمستقبل للمقاومة، والكيان الصهيوني سيبقى يتآمر في الظلام، لكنه سيفشل كما فشل في غزة ولبنان. إيران قوية، ومحور المقاومة خالد، والنصر قريب إن شاء الله.